وتارة اخرى : بدعوى بدليّة الأحكام الظاهريّة عن الأحكام الواقعيّة.
والكلّ ممّا لا ينبغي الركون إليه :
أمّا الأوّل ؛ فلأنّه بعد الانكشاف ووجود الأمر الواقعي لا وجه لأصالة البراءة.
وأمّا الاستصحاب ، فلا مجرى له في المقام ؛ لأنّ الشكّ في وجوب الإعادة بعد الكشف ممّا لا يقين له أوّلا ، والمتيقّن من جهة الأمر الظاهري متيقّن بعد الكشف ، إذ لا إشكال في عدم (١) وجوب الإعادة بالنسبة إلى الأمر الظاهري. وأمّا المنع المذكور فممّا لا يصغى إليه ؛ إذ قد قامت البراهين القطعيّة على ثبوت التكاليف الواقعيّة من غير تعليق على العلم والجهل ، غاية الأمر عدم العقاب مع المعذوريّة ، إذ ليس العقاب من آثار نفس التكاليف الواقعيّة ، بل هو من لوازم المخالفة التي لا يتحقّق موضوعها بدون العلم ، فالمقدّمة الممنوعة ممّا قد استدلّ عليها فلا يتوجّه إليها المنع ، فلا بدّ من دعوى المسقط كما في الدعوى الأخيرة : من بدليّة الأحكام الظاهريّة.
وبعد ما عرفت : من أنّ النظر فيما يفيد اعتبار تلك الطرق ، يعطي كونها طرقا إلى الواقع من دون مداخلة (٢) لها فيه ، فلا وجه لتلك الدعوى أيضا.
ومن هنا يتطرّق النظر في ما أفاده المحقّق القمّي (٣) : من بناء المسألة على كون الحكم الظاهري بدلا عن الواقعي (٤) على وجه الإطلاق أو ما لم ينكشف الخلاف ؛ إذ لا وجه للقول بالبدليّة ، وعلى تقديره فلا معنى للترديد في كونه بدلا على وجه
__________________
(١) لم يرد « عدم » في « م ».
(٢) في « ع » و « م » بدل « مداخلة » : « مدخليّة ».
(٣) انظر القوانين ١ : ١٣٠.
(٤) في « ط » بدل « الواقعي » : « الواقع ».