وجه القطع ، ولا فارق بينهما. ولعلّه لا ينبغي الالتزام به ، وإن كان ممّن يقول بالإجزاء في مثل المقام على مقتضى القاعدة ليس بذلك البعيد.
وليت شعري! كيف يعقل أن يقال : إنّ العصير العنبي الموجود بين أيدينا إنّما كان طاهرا قبل قيام الأمارة الثانية على نجاسته ، فيحكم بطهارة ملاقيه قبل ذلك ، ولكنّه نجس بعد قيام الأمارة فيجب الاجتناب (١) عنه وعن ملاقيه؟!
الرابع : استصحاب الآثار المترتّبة على ما قامت عليه الأمارة الثانية ، من الطهارة والنجاسة وجواز الأكل والبيع والوطء ، فإنّ قبل قيامها كانت تلك الأحكام ثابتة ، ولا يعلم تميّز بينهما بعد قيام الأمارة ، فيجب (٢) الحكم بالاستصحاب بعده.
وفساده ممّا لا يكاد يخفى على أوائل (٣) العقول ؛ إذ من المعلوم عدم ترتّب تلك الآثار بنفسها ، بل إنّما كان ذلك (٤) بواسطة قيام الأمارة الاولى ، والمفروض ظهور فسادها بما هو منزّل منزلة العلم ، فلا وجه للاستصحاب ، وذلك ظاهر في الغاية.
الخامس : أنّ الأخذ بالأمارة الثانية في الوقائع المترتّبة على الوقائع السابقة دون الأمارة الاولى ترجيح بلا مرجّح وتخصيص بدون ما يقضي به ؛ فإنّ المفروض أنّ الأمارتين كلتاهما ظنّيتان ، فلا يعلم بمطابقة إحداهما دون الاخرى للواقع ، ولا وجه للأخذ بإحداهما دون الاخرى.
قال الشيخ الأجل كاشف الغطاء عن وجوه التحقيقات ـ بعد كلام له في المقام ـ ما لفظه : على أنّه لا رجحان للظنّ على الظنّ السابق حين ثبوته ، انتهى (٥).
__________________
(١) في « م » بدل « الاجتناب » : « الاحتياط ».
(٢) في « ع » بدل « فيجب » : « فينسحب ».
(٣) في « ع » و « م » بدل « أوائل » : « أهل ».
(٤) لم يرد « ذلك » في « م ».
(٥) كشف الغطاء ١ : ٢١٧.