الطريق إليه لا بدّ وأن يكون الاجتهاد ـ فهذا خلاف الإجماع على ما حكي أوّلا بالنسبة إلى بعض الأحكام ، كما في المعاملات ، فإنّها من قبيل الأسباب التي لا مدخل للاجتهاد والتقليد في صحّتها ، فلو أوقع المكلّف بيعا مشتملا على جميع ما يعتبر فيه من دون اجتهاد أو تقليد ، فالحقّ هو الصحّة.
ولعلّ المفصّل المذكور ـ أيضا ـ مذعن بالصحّة في غير المقام.
بل التحقيق ـ على ما بسطنا فيه الكلام في محلّه ـ : أنّ المدار في جميع الأحكام هو وقوعها مطابقة للواقع ـ سواء كانت عبادة أو معاملة ـ ولا مدخل للاجتهاد والتقليد فيها بعد إحراز مطابقتها للواقع.
سلّمنا أنّ الاجتهاد ممّا يؤثّر في صحة العمل ، ولكنّه ما الفرق بين القسمين ، حتى أنّه التزم بعدم النقض في الأوّل وبه في الثاني؟ إذ لا مائز بينهما في الواقع.
سلّمنا وجود المائز بينهما ، ولكن اشتراط صحّة العمل بوقوعه على طبق الاجتهاد لا يلازمه عدم النقض ؛ إذ المفروض عدم كون الاجتهاد موضوعا صرفا ، على وجه يكون الواقع غير ملحوظ فيما وقع على طبق الاجتهاد. نعم ، غاية ما يلزم من ذلك فساد العمل على تقدير المخالفة وإن طابق الواقع ، وأين ذلك من الحكم بالصحّة وعدم النقض بعد الكشف بفساد الاجتهاد على وجه معتبر؟
ثمّ إنّ ما استند إليه في القول بعدم النقض في القسم الأوّل من الوجوه المذكورة ، قد عرفت أنّها لا ينبغي أن يعوّل عليها في قبال ما ذكرنا من القاعدة القاضية بالنقض.
وأمّا ما (١) فصّله بين استصحاب الحكم واستصحاب الآثار المترتّبة على الاجتهاد الأوّل ، فزعم عدم جريانه في الأوّل وجريانه في الثاني ، فهو ممّا لا يقضي
__________________
(١) لم يرد « ما » في « ط » و « م ».