وغيرها ـ هو : أنّ الأثر الحاصل منها ممّا يكفي في الحكم بوجوده وقوعها على وجه الإمضاء الشرعي ، والمفروض هو الوقوع بحسب الاجتهاد الأوّل ، فلا يؤثّر في ارتفاعها إلاّ ما قرّره الشارع رافعا لها ، كالفسخ في البيع والطلاق في النكاح. وليس من الرافع تبدّل الاجتهاد ، فالأصل قاض ببقاء الآثار المترتّبة عليها ، كما في البيع الصادر من الوكيل بعد انعزاله.
وأمّا النقض في غير الإنشائيّات ، فلأنّه ليس هناك آثار حاصلة كما في البيع ونحوه ، بل إنّما هي أحكام شرعيّة تابعة في مواردها للاجتهاد والتقليد وغيرهما من الطرق الشرعيّة ، فتبقى ببقائها وترتفع بارتفاعها.
فحاصل التفصيل : أنّ الامور الراجعة إلى إمضاء الشارع ، من الأسباب الواقعيّة المعمولة عندهم (١) ، لا وجه للنقض فيها ؛ فإنّ تلك الأسباب غير محتاجة في التأثير إلى حكم ، وإنّما يكفيها مجرّد إمضاء الشارع ولو في وقت ما. وأمّا غيرها ممّا هو راجع إلى جعل الأحكام لموضوعات خاصّة خارجيّة ـ كحلّية الذبيحة وطهارة الغسالة ونجاسة الثوب المتنجّس بالبول المغسول مرّة بالكرّ ونحوها ـ فالوجه فيه النقض.
وهذا التفصيل ـ على تقدير انطباقه بكلامه أيضا ـ ممّا لا وجه له ، مع أنّ الأمثلة التي أوردها في القسمين ممّا لا يلائم ذلك.
وبالجملة : فلا نزاع لنا في ما وافقنا من الحكم بالنقض وإن لم يظهر لنا وجه ذلك منه.
وأمّا فيما زعم عدم النقض فيه ، فيرد عليه : أنّ الأحكام الشرعية بأسرها ـ سواء كانت من قبيل الإنشائيّات التي تعلّقت بموضوعات خاصّة ، كما في الأحكام التكليفيّة ، كوجوب الإتيان بالصلاة ، وحرمة شرب العصير ، ووجوب الوفاء بالنذر
__________________
(١) لم يرد « عندهم » في « ع ».