هداية
قد أشبعنا الكلام في الإجزاء وعدمه وترتيب الآثار وعدمه بالنسبة إلى من ظهر له فساد العمل السابق بأمارة ظنّية معتبرة ، ولنذكر طرفا منه بالنسبة إلى فعل الغير ، كما إذا اعتقد المجتهد أو المقلّد خلاف ما يراه المجتهد الآخر أو المقلّد الآخر ، فنقول : إنّ قضيّة ما قرّرنا في الهداية السابقة ـ من أنّ الطرق الشرعيّة إنّما هي طرق إلى الواقع من دون تصرّف لها فيه ـ هو عدم ترتيب آثار الواقع على فعل الغير المخالف في الاعتقاد له ، فلا يجوز الأكل من الدبس المشترى بالبيع معاطاة لمن لم يجوّز ذلك ، ولا يجوز الاقتداء بمن لا يعتقد وجوب السورة مع العلم بمطابقة عمله لاعتقاده. وأمّا عند عدم العلم فيحتمل جواز الاقتداء ؛ نظرا إلى أصالة الصحّة في فعله ولو لم يكن الصحّة معتبرة في اعتقاده ، كما قرّر في محلّه.
والمسألة في غاية الإشكال نظرا إلى بعض اللوازم ؛ إذ على تقديره يجوز العقد على المعقودة بالفارسيّة لمن لم يجوّز ذلك وأمثاله ، كما لا يخفى.
إلاّ أنّه لم نجد مصرّحا بالخلاف أيضا ، بل يظهر ممّا في تمهيد القواعد كونها مفروغا عنها بعد القول بالتخطئة ، حيث ذكر في ثمرات التخطئة لزوم إعادة الصلاة إلى القبلة الاجتهاديّة إذا انكشف كونها خطأ ، وعدم جواز الاقتداء عند مخالفة الإمام والمأموم في الأجزاء والشرائط (١) بل المحكي عن العلاّمة في التذكرة (٢)
__________________
(١) تمهيد القواعد : ٣٢٢ ـ ٣٢٣.
(٢) التذكرة ٤ : ٢٨٣.