وتحقيق الكلام على وجه يرتفع به غواشي الأوهام في طيّ هدايات.
هداية
اعلم : أنّ من الامور التي ينبغي مراعاتها في التعاليم هو معرفة المسألة التي يقع البحث فيها قبل الخوض في الاستدلال نفيا أو إثباتا ، من حيث دخولها في أيّ فنّ من الفنون المدوّنة ، ثمّ في لحوقها بأيّ باب من أبواب ذلك الفنّ ، ليكون الطالب على بصيرة من ذلك من حيث ملاحظة أخواتها في الحكم ومقايستها عليها. وذلك وإن لم يكن من الامور اللازمة ، إلاّ أنّ فيها جدوى كثيرة.
فنقول : ربّما يتوهّم دخول المسألة في المسائل الفرعيّة ، لرجوع البحث فيها إلى البحث عن العوارض اللاحقة لفعل المكلّف من حيث الاقتضاء والتخيير ـ كما في البحث عن وجوب الصلاة والزكاة ونحوهما ـ فيكون من المسائل الفرعيّة.
ولكنّه ليس على ما يتوهّم ؛ إذ مرجع البحث فيها إلى أنّ العقل هل يحكم بوجوب المقدّمة عند وجوب ذيها أو لا؟ فيرجع البحث فيها إلى البحث عن تحقّق (١) الملازمة بين الإرادة الجازمة المتعلّقة بشيء وبين إرادة مقدّماته. وذلك كما ترى ليس بحثا عن فعل المكلّف ، بل هو بحث عن اقتضاء نفس التكليف والطلب وإن استلزم العلم بها العلم بكيفيّة عمل المكلّف من حيث وجوب الإتيان به وإباحته ، كما هو الشأن في جميع المسائل الاصوليّة ، فإنّها مهّدت لاستنباط الأحكام الشرعية الفرعيّة منها.
__________________
(١) في ( م ) ، ( ع ) بدل « تحقّق » : نفس.