والأسدّ الأخصر هو أن يقال : إنّ الإطلاق والتقييد إن جعلناهما من الامور الإضافيّة ، فينبغي أن يقال : إنّ الواجب بالنسبة إلى كلّ شيء يلاحظه الملاحظ معه ، إمّا أن يكون وجوبه موقوفا عليه أو لا ، فعلى الأوّل هو واجب مشروط ، وعلى الثاني هو واجب مطلق. وإن لم نجعلهما من الامور الإضافيّة ، فينبغي أن يقال : إنّ الواجب المطلق ما لا يتوقّف وجوبه على شيء والمشروط ما كان وجوبه موقوفا على شيء.
إلاّ أنّ ذلك يوجب أن لا يكون للواجب المطلق مصداق ، إذ لا أقلّ من الاشتراط بالامور العامّة. ولا ضير في ذلك بعد ما عرفت من أنّه الملائم لما هو المعهود من لفظي « الإطلاق » و « التقييد » في غير المقام وعدم ثبوت وضع جديد له منهم في المقام. وإن كان ولا بدّ فالأقرب هو ما عرّفه العميدي ، كما نبّهنا عليه (١).
وإذ قد عرفت ذلك ، فهل النزاع المذكور يعمّ مقدّمة كلتا القبيلتين من الواجب ، أو يخصّ بمقدّمة الواجب المطلق؟ الّذي صرّح به غير واحد منهم هو الثاني ، فقالوا بأنّ مقدّمة الواجب المشروط ليست واجبة إجماعا (٢) ؛ ولذلك اعتبر بعضهم (٣) الإطلاق في عنوان النزاع ورام بذلك التعريض على من لم يعتبره فيه ، بل صرّح بعضهم بلزوم التقييد واعترض على من لم يقيّد العنوان بذلك (٤).
واعتذر عنهم شيخنا البهائي : بأنّ النزاع وإن كان في مقدّمات الواجب المطلق ، إلاّ أنّ لفظ « الواجب » حقيقة فيه ، فلا حاجة إلى التقييد ، لخروج الواجب
__________________
(١) في الصفحة ٢٢٥.
(٢) كالمحقّق القمّي في القوانين ١ : ١٠١ ، وصاحب الفصول في الفصول : ٨٢.
(٣) مثل المحقّق القمّي في القوانين ١ : ١٠٠ ، وراجع المعالم : ٦٠ ، والفصول : ٨٢.
(٤) وهو المحقّق الشيرواني في حاشيته على المعالم ، انظر المعالم ( الطبعة الحجريّة ) : ٥٧.