قلت : الظاهر من كلامه ـ كما يظهر من تمثيله ـ إنّما هو إبداء الفرق بين هذين الوجهين من التعبير ، فالتكليف المذكور لعلّه ممّا لا يرضى هو به.
وتوضيح ذلك : أنّ الزمان والمكان قد يؤخذان ظرفين لنفس الفعل المأمور به ، كما إذا أخذ المكان ظرفا للصلاة التي هي عبارة عن فعل خاصّ وحركة مخصوصة ، أو اخذ الزمان ظرفا له ، كأن يقال : « صلّ في المسجد » أو « في الظهر » مثلا. وقد يؤخذان ظرفين لما يتعلّق به الفعل المأمور به ، كما في مثال البطّيخ ، فإنّ المكان فيه ليس ظرفا للفعل الذي أمر به الآمر وطلبه منه وهو الإتيان ، وإن أمكن تقييد الفعل بالمكان المذكور أيضا ، والكلام إنّما هو فيما إذا كان الزمان قيدا لنفس الفعل لا لمتعلّقه ، كما يظهر ذلك من الأمثلة التي فيها الإشكال ، كما في الغسل للصوم وتعلّم المسائل للصلاة ، وغير ذلك ممّا عرفت آنفا.
وبالجملة ، فالاحتمال المذكور ممّا لا مساس له بكلام المجيب ، وإنّما يحتمله من لا خبرة له بالمقام. نعم ، ذلك ينهض وجها من وجوه اختلاف الفعل المطلوب ، إذ باختلاف المتعلّق عموما وخصوصا يختلف الفعل أيضا ، كما لا يخفى.
وكيف كان ، فلا فرق فيما ينقدح في نفس الآمر بين أن يكون الزمان بحسب القواعد اللغويّة قيدا للفعل كما إذا قيل : « افعل في وقت كذا » وللحكم كما إذا قيل : « إذا جاء وقت كذا افعل كذا ». وبعد ما عرفت من أنّه هو المناط في الأحكام التي نحن بصددها من لوازم الوجوب ينبغي العلم بفساد الوجه المذكور في مقام دفع الإشكال.
ولعلّ اتّحاد المعنى على الوجهين ظاهر ، بناء على ما ذهب إليه الإماميّة : من تبعيّة الأحكام للمصالح والمفاسد ؛ إذ الفعل يختلف مصالحه ومفاسده باعتبار قيوده الطارئة عليه ووجوهه اللاحقة له ، ومن جملة وجوهه وقوعه في زمان خاصّ ، فالطالب إذا تصوّر الفعل المطلوب فهو إمّا أن يكون المصلحة الداعية إلى طلبه