موجودة فيه على تقدير وجوده في ذلك الزمان فقط ، أو لا يكون كذلك بل المصلحة فيه تحصل على تقدير خلافه أيضا. فعلى الأوّل فلا بدّ من أن يتعلّق الأمر بذلك الفعل على الوجه الذي يشتمل على المصلحة ، كأن يكون المأمور به هو الفعل المقيّد بحصوله في الزمان الخاصّ. وعلى الثاني يجب أن يتعلّق الأمر بالفعل المطلق بالنسبة إلى خصوصيّات الزمان. ولا يعقل أن يكون هناك قسم ثالث يكون القيد الزماني راجعا إلى نفس الطلب دون الفعل المطلوب ، فإنّ تقييد الطلب حقيقة ممّا لا معنى له ؛ إذ لا إطلاق في الفرد الموجود منه المتعلّق بالفعل حتّى يصحّ القول بتقييده بالزمان أو نحوه. فكلّ ما يحتمل رجوعه إلى الطلب الذي يدلّ عليه الهيئة فهو عند التحقيق راجع إلى نفس المادّة. وبعد ذلك يظهر عدم اختلاف المعنى الذي هو المناط في وجوب المقدّمة.
بل التحقيق أنّ ذلك غير مبنيّ على مذهب العدليّة ، إذ على القول بانتفاء المصلحة والمفسدة أيضا يتمّ ما ذكرنا ؛ فإنّ العاقل إذا توجّه إلى أمر والتفت إليه : فإمّا أن يتعلّق طلبه بذلك الشيء أو لا يتعلّق طلبه به ، لا كلام على الثاني. وعلى الأوّل ، فإمّا أن يكون ذلك الأمر موردا لأمره وطلبه مطلقا على جميع اختلاف طوارئه أو على تقدير خاصّ. وذلك التقدير الخاصّ قد يكون شيئا من الامور الاختياريّة ، كما في قولك : « إن دخلت الدار فافعل كذا » وقد يكون من الامور التي لا مدخل للمأمور فيه لعدم ارتباطه بما هو مناط تكليفه ، كما في الزمان وأمثاله.
لا إشكال فيما إذا كان المطلوب مطلقا. وأمّا إذا كان مقيّدا بتقدير خاصّ راجع إلى الأفعال الاختياريّة فقد عرفت فيما تقدّم اختلاف وجوه مصالح الفعل ، إذ قد يكون المصلحة في الفعل على وجه يكون ذلك القيد خارجا عن المكلّف به ، بمعنى أنّ المصلحة في الفعل المقيّد لكن على وجه لا يكون ذلك القيد أيضا موردا للتكليف ، هذا على القول بالمصلحة. وأمّا على تقدير عدمها ـ كما هو المفروض ـ فالطلب