الأوّل يلزم اتّصاف المقدّمة بالوجوب وعدم جواز الترك قبل ذيها ، وعلى الثاني يلزم اتّصاف الفعل المذكور بجواز الترك قبله كما هو المفروض أوّلا ، وعدمه كما هو اللازم ثانيا.
قلت : اتّصاف الفعل في الحال بالوجوب في وقته يكفي في اتّصاف المقدّمة بعدم (١) جواز الترك فيما لو علمنا بأنّ تركها يفضي إلى تركه في الوقت.
فإن قلت : إنّ القدرة على الفعل في زمانه شرط لوجوب الفعل ، إذ القدرة من شرائط الوجوب ، وبعد تركه في الحال مقدّمة الفعل يصير المكلّف داخلا في عنوان « غير القادر » و « العاجز » ولا تكليف على العاجز ، فلا مخالفة ؛ لأنّها فرع التكليف. والقول بلزوم تحصيل القدرة يوجب القول بوجوب المقدّمة الوجوبيّة ، ولعلّه ممّا لا يمكن الالتزام به.
قلت : إنّ الحاكم باشتراط الوجوب بالقدرة هو العقل ، لامتناع التكليف بما لا يطاق في حقّ الحكيم العدل ، وليس يمتنع التكليف بالفعل مع تمكّنه واقتداره قبل الوقت. وأمّا منعه نفسه من تعلّق التكليف به فهو أمر راجع إلى المعصية الحكميّة ؛ إذ كما أنّ العقل حاكم بقبح المخالفة كذلك أيضا حاكم بقبح تفويت التكليف ، كما يظهر من ملاحظة (٢) إطباق العدليّة على استحقاق العقاب لمن سمع دعوى النبوّة ولم ينظر في المعجزة. وكما يظهر ذلك فيما إذا أراد المولى إعلام عبده لمراده مع امتناع العبد من أن يصغى إلى أمره ، بل وذلك ربما يكون أعظم مخالفة من تفويت المكلّف به ، كما لا يخفى.
بل ربما يقال : بأنّ العاجز المذكور حينئذ مكلّف بالفعل واقعا وإن لم يكن قادرا عليه ، لأنّ الممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار ، إذ لا اختصاص لهذا القول
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) : اتّصاف المقدّمة به لعدم.
(٢) لم يرد « ملاحظة » في ( ع ) و ( م ).