عند أصحابه بما إذا كان التكليف منجّزا كما إذا قطع يده بعد الزوال ، بل يجري مناط كلامهم فيما إذا صار المكلّف سببا لارتفاع نفس التكليف على أيّ وجه كان ، فيشمل المورد أيضا.
إلاّ أنّ التحقيق : أنّ الممتنع بالاختيار ينافي الاختيار تكليفا وخطابا ولو كان ابتلائيّا ، لعلم الممتنع عليه بامتناعه في حقّه ، فلا يصلح للخطاب أصلا ، وإنّما لا ينافي الاختيار عقابا ، كما ستعرف الوجه في ذلك فيما سيأتي إن شاء الله. فعلى هذا فالتارك المذكور معاقب ، ولكنّه ليس مخاطبا ، وعقابه إنّما هو عقاب تفويته التكليف على نفسه.
فإن قلت : ذلك يلازم القول بوجوب جميع المقدّمات قبل الوقت مع العلم بعدم تمكّنه منها بعد الوقت ، مع أنّ الظاهر عدم وجوب بعض المقدّمات قبل الوقت وإن أدّى ذلك إلى ترك ذيها في الوقت ، كما في إحراز الماء قبل الظهر.
قلت : قد عرفت أنّ الماء يجب إحرازه قبل الوقت ، كما صرّح بذلك الوحيد البهبهاني (١) ، ووجهه ما ذكرنا. ولو سلّم فكلّما علمنا بجواز ترك المقدّمة قبل الوقت ـ كما إذا استفدنا ذلك من إجماع أو دليل آخر ـ نقول : إنّ شرط الوجوب في ذلك الواجب هو القدرة على ذلك الواجب وشرائطه في زمان وجوبه ، فيكون من الشروط الشرعيّة. وليس ذلك تخصيصا لحكم العقل ، إذ القدرة المعتبرة في الفعل إذا قدرة خاصّة بحسب حكم الشرع ، فلا يجب تحصيل الراحلة قبل حصول الاستطاعة وإن علم باستطاعته فيما بعد ، ولا يجب إحراز الماء أيضا ، كما قد يمكن استفادة ذلك من دليل الوضوء ، فإنّ إقامة الصلاة إنّما هي بعد الوقت وقد توقّف وجوب الوضوء (٢) بوجدان الماء حال إرادة الإقامة التي هي توجد بعد الوقت ، كما لا يخفى.
__________________
(١) شرح المفاتيح ( مخطوط ) الورقة : ٢١١ ، وقد تقدّم في الصفحة ٢٥٩.
(٢) في ( ط ) : « وجود الوجوب » ، وفي ( ع ) : « وجوب الوجوب ».