هداية
ينقسم الواجب باعتبار اختلاف دواعي الطلب على وجه خاصّ ـ كما ستعرفه ـ إلى غيريّ ونفسيّ. وتحقيق القول في تحديدهما موقوف على تمهيد ، وهو :
انّ متعلّق الطلب قد يكون أمرا مطلوبا في ذاته على وجه يكفي في تعلّق الطلب تصوّره من غير حاجة إلى غاية خارجة عن حقيقة المطلوب ، فلا بدّ أن يكون ذلك غاية الغايات ، فإذن هو الداعي إلى كلّ شيء وهو المدعوّ بنفسه ، كما في المعرفة بالله الكريم والتقرّب إليه بارتكاب ما يرضيه والاجتناب عمّا يسخطه ، فإنّه هو الباعث على فعل الطاعات والداعي إلى ترك المناهي والسيّئات ، ويلزمه أن يكون المطلوب في الأمر حصوله في نفسه ، لا حصوله لأجل ما يترتّب عليه.
وقد يكون أمرا يترتّب عليه فائدة خارجة عن حقيقة المطلوب ، وهذا يتصوّر على وجهين :
أحدهما : أن يكون ما يترتّب عليه أمرا لا يكون متعلّقا لطلب في الظاهر ، فيكون من قبيل الخواصّ المترتّبة على الأفعال التي ليست داخلة تحت قدرة المكلّف حتّى يتعلّق الأمر بها بنفسها.
وثانيهما : أن يكون الغاية الملحوظة فيه تمكّن المكلّف من فعل واجب آخر ، فالغاية فيه هو الوصول إلى واجب آخر بالأخرة وإن كانت الغاية الأوّليّة هو التمكّن المذكور.
وهذا القسم أيضا يتصوّر على قسمين ؛ لأنّ الفعل الآخر الذي يتوقّف على وجود الفعل المطلوب : قد يكون مطلوبا حال تعلّق الطلب بالفعل الأوّل ، كما في