دواعي الوجوب الغيري. وأمّا بالنسبة إلى مدلول المادّة ، فقلّ من احتمله ، بل لم يحتمله من يعتدّ بشأنه من العلماء.
وأمّا الانصراف ، فلا معنى له في مدلول الهيئة. وأمّا في المادّة فلا دليل عليه ، إذ التقييد على وجه الغيريّة كثير جدّا فلا شيوع حتّى يقال بالانصراف. وذلك أمر ظاهر.
ثمّ إنّ لفظ « الواجب » هل هو حقيقة في الواجب النفسي مجاز في الغيري ، أو مشترك بينهما معنى أو لفظا؟ وعلى الأوّل ، فهل ينصرف إلى النفسي أو لا؟ وجوه ، أقواها الاشتراك المعنوي ، فيكون مطلقا على نحو سائر المطلقات ، وعند عدم القيد ظاهر في المعنى المطلق ، فيكون المراد به النفسي ، إذ لو كان غيره لوجب أن يكون مقيّدا ، كما يقال : الوضوء واجب عند إرادة الصلاة ، ولا يصحّ إطلاق الواجب عليه من دون تقييد.
هذا إذا كان المراد من مادّة الوجوب مفهومها ، ولازم ذلك أن يكون الجمل التي يقع لفظ الوجوب فيها جملا إخباريّة دون الإنشائيّة ، إذ على تقدير إرادة الإنشاء من مادّة الوجوب لا يفرق مدلول الهيئة ، كما لا يخفى على المتفطّن.
ويظهر من بعضهم التفصيل بين المادّة والهيئة ، فقال بالظهور في النفسي من حيث الإطلاق وعدم البيان في مادّة الوجوب ، وبالانصراف في مدلول الهيئة ، ورام بذلك ظهور الثمرة فيما إذا وقع لفظ « الوجوب » في تلو الشرط ، فإنّه ينفي (١) الوجوب النفسي في طرف المفهوم فيما إذا كان الحكم في المنطوق إيجابيّا. بخلاف ما إذا وقع الأمر في تلو الشرط ، فإنّ المتبادر من المنطوق حينئذ بواسطة الانصراف هو الوجوب النفسي ، بخلاف الوجوب المنفيّ في طرف المفهوم.
__________________
(١) في ( م ) : ينتفي.