المقام الثاني : في أنّه هل الاصول العمليّة تقضي بالنفسيّة أو الغيريّة فيما إذا كان دليل الواجب ودليل الغير كلاهما لبّيين؟
فنقول : إنّه تختلف الصور أيضا في ذلك ، فربّما يقضى بالنفسيّة ، كما إذا قلنا بالبراءة عند الشكّ في الشرطيّة والجزئيّة ، فيثبت عدم اشتراط الواجب به ، فنقول بالبراءة قبل دخول الوقت وبالاشتغال بعده ، إذ هو واجب قطعا بعد دخول وقته ، إمّا لنفسه وإمّا لغيره.
نعم ، لو ترتّب فائدة على اشتراط الغيريّة (١) لا يحكم بواسطة حكمنا بالبراءة ، مثل بطلان الواجب على تقدير تأخّره عن الغير مثلا.
ثمّ إنّه لو انقضى وقت الغير وشكّ في وجوب الواجب باعتبار النفسيّة والغيريّة ، فالاستصحاب قاض بوجوبه على مذاق القوم. وقد يجب الأخذ بالاحتياط بالجمع بين ما علم بوجوب أحدهما نفسا والآخر بواسطة الغير مع اشتباه أحدهما بالآخر في الوقت أو بعده مع وجوب قضاء الآخر ، وإلاّ فيرجع الأمر إلى البراءة ، كما لا يخفى وذلك ظاهر جدّا.
تنبيه : هل يجوز اتّصاف الواجب الغيري بالوجوب قبل وجوب الغير أو لا؟
وجهان ، قد تقدّم التحقيق فيهما فيما مرّ في الهدايات المتعلّقة بالوجوب الشرطي ، فراجعها. فلا حاجة إلى إطالة الكلام بإعادتها في المقام.
والموفّق هو الله وهو الهادي.
__________________
(١) كذا ، والظاهر : الغير به.