هداية
لا ريب في استحقاق العقاب عقلا على مخالفة الواجب النفسي ، ولا إشكال في ترتّب الثواب على امتثاله. ولا نعرف في ذلك خلافا بين العدليّة ، وإن كان قد يمكن المناقشة بعدم استقلال العقل على استحقاق الثواب على الامتثال فيما إذا فسّر الثواب بما يرجع إلى المنافع الاخرويّة ، لجواز الاكتفاء عنه بالنعم العاجلة. إلاّ أنّه لا منع في العقل عن ترتّبه في الآخرة ، فتحمل الأدلّة الدالّة على الثواب على ظاهرها من غير منافرة ولا حزازة.
وهل يصحّ ترتّب الثواب والعقاب على الواجبات الغيريّة ، بمعنى استحقاق الآتي بالواجب الغيري وتاركه على وجه الامتثال والمخالفة للثواب والعقاب عقلا مطلقا ، أو لا يترتّب مطلقا ، أو يفصّل بين ما إذا كان الوجوب الغيري مستفادا من خطاب أصليّ فيترتّب أو تبعي (١) فلا يترتّب ، أو يفصّل بين الثواب والعقاب ويقال بعدمه في الأوّل وبترتّبه في الثاني؟ وجوه ، بل لعلّه أقوال ؛ حيث ذهب جماعة إلى الأوّل.
منهم بعض أفاضل المتأخّرين في إشاراته ، قال : المشهور بين الاصوليّين ترتّب العقاب على ترك المأمور به شرعا على تقدير كون الأمر للوجوب. واستدلّ على ذلك بآية الإطاعة والعصيان. ثمّ أفاد بقوله : فما قيل من أنّ الواجبات الغيريّة واجبات اصطلاحيّة ومع ذلك لا عقاب عليها أصلا ، ليس على ما ينبغي. ثمّ قال :
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) : بدل « أو تبعي » : وبين غيره.