هداية
زعم صاحب المعالم ـ على ما يوهمه ظاهر عبارته في بحث الضدّ ـ توقّف وجوب الواجب الغيري على إرادة الغير ، وقال : وأيضا فحجّة القول بوجوب المقدّمة على تقدير تسليمها إنّما ينهض دليلا على الوجوب في حال كون المكلّف مريدا للفعل المتوقّف عليها ، كما لا يخفى على من أعطاها حقّ النظر (١).
وربّما يقال في توجيهه : إنّ وجوب المقدّمة لمّا كان متمحّضا في التوصّليّة نظرا إلى انحصار حكمة وجوبه في التوصّل بها إلى ذيها ، فعند وجود الصارف وعدم الداعي إلى المأمور به لا دليل على وجوبها. ونحن بعد ما أعطينا النظر في الأدلّة الناهضة على وجوب المقدّمة حقّ النظر واستقصينا التأمّل فيها ما وجدنا رائحة من ذلك فيها ، كيف! وإطلاق وجوب المقدّمة واشتراطها تابع لإطلاق وجوب ذيها واشتراطه. ولا يعقل اشتراط وجوب الواجب بإرادته ؛ لأدائه إلى إباحة الواجب ، فما يدلّ على وجوب ذيها عند عدم إرادته فهو دليل على وجوب المقدّمة أيضا ، والحجّة المفروضة القائمة على وجوب المقدّمة جارية بعينها حال الإرادة وعدمها من غير فرق في ذلك.
وبالجملة ، فلا إشكال في فساد التوهّم المذكور.
وهل يعتبر في وقوعه على صفة الوجوب أن يكون الإتيان بالواجب الغيري لأجل التوصّل به إلى الغير أو لا؟ وجهان ، أقواهما الأوّل.
__________________
(١) معالم الدين : ٧١.