فإن قلت : مراده من « شرط الوجود » ما هو شرط لوجود الواجب على صفة الوجوب ، كما يظهر ذلك بملاحظة وجود الأجزاء الواجبة في الصلاة ، فإنّ شرط وجود الجزء على وجه الوجوب لحوق الأجزاء الأخر به ، فكما أنّ الجزء (١) لا تجزئ عمّا هو الواجب منه ما لم يلحقه الأجزاء اللاحقة (٢) ، فكذلك المقدّمة لا تقع على صفة الوجوب ما لم يترتّب عليها الغير ، فهو شرط لوقوعها على هذه الصفة ، لا شرط لوجودها حتّى يدور ، ولا لوجوبها حتّى يكون متّضح الفساد.
قلت : نعم ، ينبغي حمل كلامه على ذلك ، إلاّ أنّه مع ذلك فاسد أيضا ، إذ الأجزاء اللاحقة لا تأثير لها في الأجزاء السابقة ، لأنّ المطلوبيّة القائمة بها ليست مطلوبيّة ذاتية نفسيّة ، بل إنّما هي غيريّة عرضيّة ، حيث إنّها أجزاء للواجب النفسي ، وتلك المطلوبيّة لا تنفكّ عنها وإن لم يلحقها الأجزاء الأخر ، لأنّها قد وقعت على تلك المطلوبية. وما وقع على صفة يمتنع زوالها عنه.
لا يقال : فيلزم أن يكون العمل صحيحا فيما إذا لحقه الأجزاء الأخر.
لأنّا نقول : العمل المذكور إن لم يكن ممّا اشترط فيه الموالاة والاتّصال ، فلا دليل على بطلان اللازم وإن كانت الملازمة مسلّمة. وإن كان ، فمنع انتفائه فلا ملازمة ، لأنّ بطلانه بواسطة عدم الشرط أو الجزء المعتبر في نفس العمل على وجه يمتنع إعادته ، لانعدامه قبل.
وبالجملة ، فليس الجزء من حيث إنّه مأخوذ جزء للمركّب أظهر حالا من سائر المقدّمات في المقام حتّى يستند إليه ويقاس الغير عليه في توقّف وقوعه على وجه الوجوب على لحوق الأجزاء الأخر به ، على ما عرفت. نعم ، الجزء
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) بدل « الجزء » : الحمد.
(٢) في ( ع ) بدل « اللاحقة » : الأخر.