الملحوظ على وجه لا يخالف الكلّ يتوقّف على لحوق الأجزاء به ، إلاّ أنّه من هذه الجهة ملحوظ على وجه الكلّية ، ولا كلام في حصول الواجب النفسي بحصول جميع أجزائه.
وأمّا قوله : « إنّ المطلوب بالمقدّمة مجرّد التوصّل بها إلى الواجب ... الخ » (١) فإن أراد به أنّ المطلوب بالمقدّمة تمكّن المكلّف من الإتيان بالواجب والوصول إليه ، حيث إنّه عند عدمها يمتنع صدور الفعل منه ، فغير مفيد وإن كان واقعا في محلّه ، فإنّ ذلك من لوازم ذات المقدّمة من غير ملاحظة شيء آخر. وإن أراد به أنّ المطلوب بالمقدّمة هو ترتّب الغير عليه فعلا ، فغير سديد ، ضرورة أنّ ترتّب الواجب أمر مغاير للمقدّمة مفهوما ، فلا يمكن أن يكون المطلوب منها ذلك المفهوم المغاير إلاّ بضرب من التأويل ، كأن يكون بينهما ملازمة واقعيّة أو اتّحاد خارجي ، وانتفاء الثاني ظاهر ، ولا ملازمة بين المقدّمة والترتّب (٢) لما هو ظاهر من كثرة موارد التخلّف ، فلا يعقل أن يكون المطلوب من المقدّمة هو التوصّل. نعم ، يصحّ أن يكون التوصّل إلى الواجب وجها لمطلوبيّة المقدّمة ، فإنّ التوصّل ليس أمرا مغايرا للواجب النفسي بحسب الواقع ، فإنّ ذلك طور من أطواره ، كما لا يخفى.
ومن هنا يظهر أنّ الداعي إلى طلب المقدّمة هو الصفة الموجودة في ذاتها مع قطع النظر عن الغير ، وهو كونها بحيث يتمكّن المكلّف معها من إيجاد الفعل ، فإنّه لمّا كان إيجاده بدونها ممتنعا التجأنا إلى اعتبار المطلوبيّة فيها ليتبدّل الامتناع بالإمكان. وقد مرّ في بعض المباحث السابقة أنّه يمتنع أن يكون المصلحة الداعية إلى طلب الشيء موجودا في غيره ، فهذه هي الغاية المترتّبة على وجود المقدّمة ، وعند وجودها يمتنع انتفاؤها.
__________________
(١) الفصول : ٨٦.
(٢) في ( ط ) : المترتّب.