لأنّا نقول : وحدة المطلوب على تقدير التسليم ممّا لا ينافي ما نحن بصدده : من لزوم إيجاد المطلق عند التغاير أوّلا ثمّ اتباعه بإيجاد القيد الموجب لحصول المطلوب. ولعلّ ذلك في الظهور كالنار على رأس المنار.
وبعد التمهيد نقول : إنّ التقييد في المقدّمة الموصلة ليس من قبيل التقييد في الصورة الاولى ، لأنّ ما يصير منشأ لانتزاع صفة الإيصال من المقدّمة أمر مغاير لها في الوجود ، إذ هي لا تكون موصلة إلاّ بعد ترتّب فعل الغير عليها. ولا خفاء في أنّ هذه الحالة توجب انتزاع تلك الصفة منها ، فيكون من قبيل التقييد في الصورة الثانية ، وقد قرّرنا في التمهيد وجوب إيجاد المطلق عند إرادة إيجاد المقيّد فيما إذا كان القيد مغايرا له في الوجود العيني. فالقول بوجوب المقدّمة الموصلة يوجب القول بوجوب المقدّمة مطلقا مقدّمة لما هو الواجب من المقدّمة الموصلة. هذا خلف.
وبوجه آخر نقول : إنّ صفة الإيصال إمّا أن تكون معتبرة في المقدّمة أو لا. لا إشكال (١) على الثاني على ما ذهب إليه المشهور. وعلى الأوّل فإمّا أن يكون ما يوجب انتزاع تلك الصفة منها داخلة في مقدرتنا واختيارنا أو لا. لا كلام أيضا على الثاني ، إذ الأمر الغير الاختياري لا يعقل تعلّق الطلب والتكليف به ، فعلى تقديره يجب وجوب مطلق المقدّمة. وعلى الأوّل فيجب إيجاد تلك الصفة كما يجب إيجاد الموصوف ليصحّ الاتّصاف ، إذ لا منافاة بين وجوب فعل اختياري ووجوب فعل آخر ، ويلزم من ذلك وجوب مطلق المقدّمة مقدّمة لما هو المطلوب من المقيّد. هذا خلف.
فإن قلت : إنّ الواجب من الإتيان بالمطلق فيما إذا وقع على صفة الإيصال أيضا ، فلا يلزم الخلف.
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) : لا إمكان.