هداية
ينقسم الواجب باعتبار تعلّق القصد به وعدمه إلى أصليّ وتبعيّ.
والحقّ أن يعرّف الأصليّ بـ : ما كان مرادا للآمر إرادة مستقلّة ، سواء كانت نفسيّة أو غيريّة ، وسواء كانت استفادة ذلك من الخطاب على وجه الاستقلال كما في دلالة الألفاظ على المناطيق ، أو على وجه التبعيّة كما في دلالة المفاهيم والاستلزامات.
فالعبرة عندنا في صدق الوجوب الأصلي بملاحظة المستفاد : فإن كان مستقلاّ بالإرادة على اختلاف أنحاء الإرادة وتفاوت أقسام الدلالة فهو واجب أصلي ، وإلاّ فهو تبعيّ ، وهو ما لم تتعلّق به إرادة مستقلّة ، بل الطلب فيه ـ على ما ستعرف ـ طلب قهريّ حاصل ولو مع الغفلة عن خصوصيّات المطلوب على جهة التفصيل ، وذلك نظير دلالة الإشارة كدلالة الآيتين (١) على أن أقل الحمل ستة ، فإن لوازم الكلام في المخاطبات العرفيّة غير مقصودة للمتكلم.
ولكن يفترق الوجوب التبعي بأن المدلول التبعي لا يلزم أن لا يكون ذا مصلحة نفسية ، بخلاف الوجوب التبعي فإنّه على أن الإرادة ممّا لا يتعلق به على وجه الاستقلال يجب أن لا يكون ذا مصلحة نفسية ، من حيث استفادة وجوبه من وجوب الواجب الأصلي. ونظيره في المطلوبات لوازم الواجب ، فإن من طلب الاستقبال على وجه الاستقلال طلب وقوع الجدي خلف المنكب في العراق مثلا ، فإنه مطلوب تبعي لم يتعلق به في العرف والعادة طلب مستقل وإرادة على حدة.
__________________
(١) البقرة : ٢٣٣ ، والأحقاف : ١٥.