هداية
في بيان الأصل في المسألة والأقوال فيها ، فنقول :
قد عرفت أنّ النزاع إنّما هو في حكم العقل بالملازمة بين وجوب شيء وبين وجوب مقدّماته ، وأنّ وجوب المقدّمة لا يستلزم عقابا ولا ثوابا ، فلا وجه لما يظهر من البعض (١) من التمسّك بأصالة البراءة في رفع الوجوب ؛ لأنّ جريانها إنّما هو فيما يحتمل العقاب ، والمفروض عدمه في المقام.
وأمّا أصالة العدم فيمكن تقريرها بوجه ، كأن يقال : لا شكّ في أنّه قبل حدوث الطلب المتعلّق بالفعل لم يكن مقدّماته مطلوبة ـ ولو على الوجه المتنازع فيه ـ وبعد تعلّقه به نشكّ في تعلّقه بها أيضا ، والأصل يقضي بعدم تعلّقه بها ، فالأصل مع النافين. كذا افيد.
قلت : ولعلّه في غير محلّه ، فإنّ الأصل هذا على تقدير جريانه إنّما هو في غير ما عنون به المبحث ، إذ من المعلوم أنّه لا حاجة في تشخيص الأصل فيها إلى حدوث الطلب وتعلّقه بالفعل ، فكيف بمقدّماته؟
ومن هنا تعرف أنّه لا أصل في المسألة ، فإنّ العقل إمّا أن يكون حاكما بالملازمة بين الطلبين أو لا ، وعلى التقديرين لا شكّ هناك حتّى يجري الأصل (٢) ، كما لا يخفى.
__________________
(١) راجع القوانين ١ : ١٠٤.
(٢) العبارة في ( ط ) هكذا : وعلى التقديرين لا وجه للاستناد إلى الأصل لارتفاع الشك على التقديرين.