الأوّل ، ولا مدخل لها بالمقام الثاني ، كيف! وقضيّة القواعد العدليّة فسادها في الثانية مع أنّها موروثة عن الأساطين ، بل وعليه أساس اصول الدين.
وبالجملة ، أدلّة امتناع التكليف بالمحال قائمة فيها من لزوم السفه على الآمر ، بل عدم تأتّي الطلب مع العلم بامتناع المأمور به ، وتقبيح العقلاء لمن طلب أمرا ممتنعا من غير انتظار منهم لأن يستعلم بأنّ الامتناع إنّما نشأ من المأمور أو من غيره ، ولو اريد استكشاف ذلك لكان المستكشف ملحقا بأصحاب السوداء ويكون كلامه من مقالة أرباب الجنون ، فإنّه فنون.
لا يقال : إنّ الدليل على اعتبار الإمكان في المأمور به ليس إلاّ أن يكون الفعل متعلّقا لقدرة المكلّف ، والمفروض أنّ القدرة باقية بعد الاختيار ، إذ لولاه لزم خروج الفعل بعد صدوره عن مقدرة المكلّف.
لأنّا نقول : ذلك كلام خال عن التحصيل جدّا ، فإنّ الدليل على اعتبار القدرة في الفعل المأمور به هو العقل ، وهو قاض باعتبار صفة في الفعل على وجه يمكن أن يكون ذلك متعلّقا لاختيار المكلّف أحد طرفيه بالفعل ، وهذا هو المراد بالقدرة. ولو سلّم أنّ بعد الاختيار لا يخرج الفعل عن المقدوريّة ـ كما هو المذكور في الاعتراض ـ فلعلّه بواسطة أنّ المراد بها ليس ما ذكرنا ، وإلاّ فعلى ما عرفت المراد منها كيف يعقل القول ببقاء القدرة بعد الاختيار وعروض الامتناع ولو بواسطة الاختيار؟
ومن هنا ينقدح لك أنّ القولين الآخرين (١) في المسألة ممّا لا مساق لهما.
أمّا الأوّل : فلأنّه مبنيّ على اشتباه نبّهنا عليه في الجواب عن الاعتراض الأوّل.
__________________
(١) في ( م ) : الأخيرين.