ثم إنّ المحقّق الخوانساري قد أورد على الدليل بأنّه : إذا كان الطلب هو الإرادة وكان المطلوب من الصيغة الموضوعة للطلب إعلام المخاطب بحصول الإرادة في النفس ، فيلزم أن يكون وضع الجمل الطلبيّة لغوا غير محتاج إليه ويكون مفهوماتها ممّا لا يتعلّق بتصوّرها غرض أصلا ، وهو باطل.
بيان الملازمة : أنّ النسب الإنشائيّة والصيغ الموضوعة لها ليست عين الإرادة ، وهو ظاهر. ولا دخل لها أيضا في حصول الإرادة ولا في حصول الإعلام عنها ، وعلى التقدير المذكور ليس معنى آخر حتّى يتصوّر مدخليّتها فيه. أمّا لا مدخل لها في حصول الإرادة فظاهر ، لأنّ الإرادة معنى قائم بالنفس ، وهذا يتوقّف على تصوّر المراد والمكلّف فقط ، ولا توقّف لها على تصوّر النسبة التامّة الإنشائيّة ولا على صيغها ، وهو ظاهر سواء قلنا إنّها عين الداعي أو غيرها. وأمّا الإعلام فلأنّ حاصله أن يعلم الآمر المخاطب أنّ الإرادة موجودة في نفسه ، ولا شكّ أنّ هذا المعنى معنى خبريّ ، واللفظ الدالّ عليه جملة خبريّة ، ولا توقّف له على النسبة الإنشائيّة وصيغها. وأمّا أنّه ليس على هذا التقدير معنى آخر يتصوّر مدخليّتها فظاهر. فثبت لغويّة هذه المفهومات وصيغها ، بل وكان يجب أن لا يدخل في الوجود ، كما لا يخفى على من أنصف.
وأمّا بطلان التالي : فبالضرورة والوجدان ، سلّمنا عدم بطلان التالي ، لكن نقول : لا شكّ أنّ الصيغ الإنشائيّة دالّة على الطلب ، وعلى هذا التقدير لا يتصوّر دلالتها عليه ؛ لأنّ هذا المعنى ـ أي أنّ الإرادة حاصلة في النفس ـ ليس معنى مطابقيّا لتلك الصيغ ولا تضمّنيّا ـ وهو ظاهر ـ ولا التزاميّا أيضا ، إذ ليس هذا المعنى لازما بيّنا بالمعنى الأخصّ لمفهوم لفظ « اضرب » مثلا ـ وهو ظاهر ـ بل ولا لازما مطلقا ، كما يظهر عند التأمّل. فليس أيضا بين النسبة