التاسع : ما استند إليه الفاضل المذكور (١) ، من أنّ المولى إذا أمر عبده بالصعود على السطح في ساعة معيّنة فأخذ العبد في هدم البناء يذمّه العقلاء ويعيّرونه ، وهذا علامة الإيجاب.
ثمّ أورد على نفسه بقوله : الذمّ على الهدم ليس بذاته ، بل لكونه موصلا إلى ترك الصعود. وأجاب عنه بأنّه : إذا ثبت الذمّ على الهدم ثبت إيجاب نقيضه ، وأمّا كون الذمّ معلّلا باتّصافه بصفة الإيصال إلى شيء ما فلا يقدح في ذلك ، كما لا يخفى ، انتهى (٢).
والجواب عن ذلك : أنّ الذمّ إنّما هو على إيجاده بسبب الترك ، وهو ليس أمرا مغايرا للذمّ على نفس الترك ، غاية الأمر أن يقال : إنّ الذمّ إنّما يترتّب على الترك قبل زمان الفعل ، ولا ضير فيه ، لما تقدّم من أنّ الترك على قسمين : ترك حقيقي وترك حكمي ، والثاني في المقام متحقّق وإن لم يكن الأوّل صادقا. ولو فرض أنّ الهدم في زمان الأمر بالصعود فالأمر أوضح (٣).
العاشر : ما استدلّ به الفاضل أيضا في الصورة المفروضة : من أنّ العاقل الخالص عن الأغراض ينهى عن الهدم المذكور إلزاما ، والنهي الإلزامي من العاقل الخالص عن دواعي الشهوة لا يكون إلاّ لداعي الحكمة ، فلا يكون إلاّ لقبح الشيء في نفسه ، كما تقرّر في غير هذا المقام ، فيكون الهدم المذكور قبيحا ويكون نقيضه واجبا (٤).
__________________
(١) أي المحقّق السبزواري.
(٢) رسالة مقدّمة الواجب المطبوعة ضمن ( الرسائل ) : ٥٤.
(٣) في ( ع ) و ( م ) : واضح.
(٤) المصدر المتقدّم : ٥٥.