الدليل على الوجوب ، وعدم دلالة الأمر عليه بوجه من وجوه الدلالة وبخلوّ الخطب والمواعظ (١) والأخبار عنه مع أنّه ممّا توفّرت الدواعي إلى نقله ، فلو كان واجبا كان منقولا إلينا. وغير ذلك من الوجوه التي لا يخفى ضعفها على المتدرّب.
والجواب أمّا عن دليل الوجوب :
فعن الأوّل : بأنّ الإجماع على وجوب السبب خاصّة ، وإن اريد به النفي عن غيره فتحقّقه ممنوع ، سواء اريد به إجماع العقلاء أو العلماء ، والمنقول منه لا يجدي شيئا ولا يورث وهما (٢). وإن اريد به أنّ مورد إجماع العقلاء إنّما هو السبب فقط وأمّا في غيره فيحتمل اختلافهم فيه ـ كما هو مراد المستدلّ حيث إنّه استدلّ للنفي بوجه آخر ـ ففيه : أنّ الإنصاف بحسب ما نجده من الوجدان عموم مورده في حكم العقلاء ، لأنّا لا نجد بعد اشتراكهما في توقّف الواجب عليها فرقا يوجب وجوبه دون غيره ، كما عرفت دعوى الضرورة على ذلك في كلام المحقّق الدواني (٣). وبذلك ينقطع ما استند إليه في النفي عن غير السبب : من عدم الدليل.
وعدم الدلالة فيما إذا كان الدليل على وجوب ذي المقدّمة لفظيّا بوجه من وجوه الدلالة ـ كالتبعيّة ـ ممنوع. وخلوّ الخطب والمواعظ لا يضرّ في ذلك ، لجواز الاتّكال على ما يقتضيه العقل ، مضافا إلى إمكان استفادة ذلك من وجوه لفظيّة ولو بوجه من الإيماء والإشعار ، مثل قوله تعالى ( لا تَسُبُّوا الَّذِينَ ... )(٤) الآية وغير ذلك ممّا لا يخفى على الخبير الماهر ، وبذلك يتمّ اللطف أيضا.
__________________
(١) لم ترد « وبخلوّ الخطب والمواعظ » في ( ع ) و ( م ).
(٢) كذا ، ولا يخفى ما فيه من المبالغة.
(٣) المتقدّم في الصفحة : ٤٠٦.
(٤) الأنعام : ١٠٨.