وكيف كان ، فعلى الثاني لا ينبغي الإشكال في الحكم بعدم استحقاق العقاب فيما إذا قصد الفعل واعتقد النفع فيه ، ولا سبيل إليه إلاّ بوجهين :
أحدهما : أن يعاقب على تحصيل ذلك الاعتقاد بالنظر أو بما يوجبه من أعمال الحواسّ الظاهرة الموجبة للعلم.
والثاني : أن يقال : إنّه لا إشكال في سوء سريرة من قصد العصيان وخبث طينته ، ومن الجائز أن يعاقب من كان على تلك الحالة الخبيثة والملكة الرذيلة وإن لم يفعل فعلا محرّما.
والأول غير مطّرد ؛ لجواز حصول الاعتقاد بواسطة مقدّمات خارجة عن القدرة ، بل ولا يبعد دعوى أنّه الغالب في العلم الحاصل بمنافع الأفعال.
والثاني ممّا لا يلتزم به العدليّة ؛ لاقتصار العقاب عندهم على مخالفة الأمر الممتنع تعلّقه بغير ما هو من مقولة الأفعال.
وعلى الأوّل ـ فبعد ما عرفت من أنّه خلاف ما يصل إليه فهمنا القاصر ـ لا وجه للعقاب على القصد ، إذ لا يزيد القصد من سائر الأفعال التي يتوقّف عليها الفعل المحرّم. وقد مرّ أنّ الأحكام الغيريّة وجوبا وتحريما لا تؤثّر ذمّا ولا يستتبع عقابا ، ولا يرى في العقل ما يوجب اختصاص القصد من سائر المقدّمات الاختياريّة ، فلا وجه للقول بعدم العقاب في غيره بل وامتناعه من حيث إنّها مقدّمات ـ كما مرّ ـ والعقاب في خصوص القصد.
فإن قلت : لا إشكال في ظهور الأخبار في الاستحقاق ، ويجعل ذلك دليلا على وجود عنوان نفسي في القصد إذا تجرّد عن وجود المقصود وإن لم يكن معلوما عندنا ، فيصحّ الحكم باستحقاق العقاب.
قلت : لا إشكال في أنّ القصد عند العقلاء لا يلازم عنوانا محرّما نفسيّا عندهم لو لم يكن نفس القصد كذلك كما هو المفروض ، ولم يظهر من الأخبار شيء يزيد على