ما عليه العقلاء كما لا يخفى على الملاحظ والناظر فيها ، فلا بدّ إمّا من القول بجواز العقاب على مقدّمة الحرام كائنا ما كانت ، أو الالتزام بعدم استحقاق عقاب القاصد في قصده ، وإلاّ لزم تعدّد العقاب على تقدير وجود المقصود أيضا.
ويمكن أن يقال : إنّ الهمّ بالمعصية والميل إليها والعزم عليها وقصدها مرتبة من مراتب المخالفة والمعصية ، فإنّ المخالفة قد يشتدّ وجودها وهي ما إذا وقعت المعصية بإيجاد الفعل المنهيّ عنه ، وقد تكون ضعيفة.
فإن لوحظت تلك المرتبة الضعيفة في حدّ نفسها على وجه ملاحظة المرتبة الضعيفة من السواد المأخوذة بشرط عدم اندكاكها واضمحلالها تحت مرتبة شديدة من السواد ، يترتّب عليها أحكام المخالفة من العقاب وغيره ، كما يترتّب على المرتبة الضعيفة من السواد أحكام السواد من اجتماع البصر ونحوه.
وإن لوحظت من حيث اندراجها وانطماسها تحت المرتبة الشديدة من المخالفة ، فالحكم إنّما هو لتلك المرتبة ، ولا ينسب إلى الضعيفة المنطمسة شيء من آثار المخالفة ، كما هو كذلك في السواد أيضا.
وبذلك يظهر عدم وجوب التزام العقاب على القصد فيما إذا قارن وجود المقصود. نعم ، لازم ذلك أن يكون العقاب على القصد أضعف من العقاب على أصل الفعل.
هذا ، ولكنّه لا يخلو عن نظر ، ووجهه ـ بعد أنّ المخالفة إنّما هو عنوان لفعل المنهيّ عنه أو لترك المأمور به وليست أمرا يمكن انتزاعها من غير ذلك ـ : أنّ اختلاف الشديد مع الضعيف ـ على ما تقرّر في محلّه ـ ليس إلاّ بمجرّد الشدّة والضعف الراجع إلى زيادة ظهور أصل المعنى بعد كونه محفوظا في مقامه ونقصانه كذلك ، فلا بدّ أن يكون الضعيف من سنخ الشديد ومن تلك الحقيقة ، لا أمرا مغايرا له في الحقيقة