الاشتغال بالصلاة في الفرض رافعا لتمكّن المكلّف من فعل الزنا ولو بواسطة عدم الالتفات والشعور به ، إذ لولاه لم يعقل استناد الترك إلى الفعل في وجه ولا بدّ من وجود الزنا في وجه آخر.
بيانه : أنّه على تقدير الالتفات بالزنا وتمكّنه منه في الآن الثالث : إمّا أن يكون مقتضي الزنا موجودا أو معدوما ، فعلى الأوّل لا بدّ من وجوده ، إذ المفروض أنّ الآن الثالث زمان خلوّ المحلّ عن فعل الضدّ ، فيتمّ العلّة فيجب وجود الزنا. وعلى الثاني لا وجه لاستناد الترك إلى وجود الفعل ، بل المتّجه حينئذ أن يكون عدمه مستندا إلى عدم المقتضي كما كان.
ثم إنّ الفرق بين الجوابين ظاهر من حيث إنّ مدار الأوّل على المنع من إمكان فرض يكون الفعل مستندا إلى الترك ، ومدار الثاني على إمكان ذلك مع الاختلاف بالسبق واللحوق ، كما عرفت.
ويمكن أن يقال : إنّ قضيّة التمانع شأنيّة وجود كلّ منهما لعلّية عدم الآخر في جميع الآنات ؛ لاستحالة انفكاك اللازم عن الملزوم وإن لم يكن مقتضيا دوام العلّية فعلا ، ولا ريب أنّ المحال إنّما هذه الشأنيّة لا دوام العلّية ، لأنّه يكفي في لزوم المحال ـ وإن لم يكن دورا ـ أن يكون توقّف ترك أحدهما على فعل الآخر في زمانه أمرا جائزا ممكنا بعد فرض دوام التوقّف من الطرف الآخر ، ولا حاجة إلى فرض وقوع التوقف من الطرفين. فإن أراد المجيب استحالة هذا الفرض فهو راجع إلى الجواب الأوّل ، وإن أراد دفع الدور في المثال المفروض بواسطة عدم توقّف فيه من الطرفين فهو لا يجدي في دفع المحال على الوجه الذي قرّرناه ، من فرض إمكان التوقّف من الطرف الآخر أيضا.
فالأولى التعويل في الجواب على احتمال استحالة اجتماع مقتضي أحد الضدّين مع وجود الآخر ، وهو كاف في الردّ على من أراد إثبات التوقّف أو إمكانه من الطرفين ، ولا حاجة إلى إثبات الاستحالة ، كما لا يخفى.