والمثال المفروض ليس من هذا القبيل ؛ إذ الوجه في الاستحالة أنّ وجود مقتضي أحدهما كاف في إعدام الموجود وإيجاد الضدّ المعدوم فلا يجامع مقتضي أحدهما وجود الآخر ، والمفروض في المثال هو وجود المقتضي للزنا بعد ارتفاع الصلاة ، لا حال وجود الصلاة ؛ لما تقدّم من أنّ عدم الزنا حال وجود الصلاة لا بدّ وأن يكون مستندا إلى عدم المقتضي لا إلى وجود الصلاة ، فإنّ القول بتوقّف الترك حال الصلاة عليها دور لا مدفع له على المشهور.
ومن هنا يندفع ما قد يتوهّم من التنافي بين ما أفاده المحقّق المذكور في المقامين.
ثم إنّ بعض أعاظم المحقّقين أورد في تعليقه على المعالم كلاما لا بأس بنقله بطوله ، حيث أجاب عن الدور : بأنّ وجود الضدّ من موانع وجود الضدّ الآخر مطلقا ولا يمكن فعل الآخر إلاّ بعد تركه ، وليس في وجود الآخر إلاّ شأنيّة كونه سببا لترك ذلك الضدّ ، إذ لا ينحصر السبب في ترك الشيء في وجود المانع منه ، فإنّ انتفاء كلّ جزء من أجزاء العلّة التامّة علّة تامّة لتركه ، ومع استناده إلى أحد تلك الأسباب لا توقّف له على السبب المفروض حتّى يرد الدور.
ثمّ أورد على نفسه : بأنّه قد يلزم إذا فرض انحصار سبب الترك في وجود الفعل الذي يكون مانعا ، كأن يوجد جميع الأجزاء الوجوديّة للعلّة التامّة بحيث لو لا المانع لا يبقى للوجود حالة منتظرة.
فأجاب : بأنّه لا يمكن الفرض المزبور. واستدلّ عليه بقوله : لأنّ وجود الضدّ لا بدّ له من إرادة وهي كافية في سببيّة الترك ، ضرورة أنّ السبب الداعي إلى أحد الضدّين صارف عن الآخر.
وبالجملة ، السبب الداعي إلى الإزالة كاف في حصول ترك الصلاة ، فلا يستند الترك إلى وجود الإزالة قطّ بعد لا بدّية الداعي في الإزالة قبل حصولها (١).
__________________
(١) هداية المسترشدين ٢ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥.