قلت : قد عرفت في كلام المحقّق الخوانساري أنّه قد سبقه بالجواب المذكور ، إلاّ أنّه لم يصرّح بالاستحالة ، وهذا المجيب قد صرّح به واستدلّ عليه. وكيف كان ، ولقد أجاد فيما أفاد وأتى بما هو فوق المراد في دفع المحذور ، إلاّ أنّه غير خفيّ على الناظر أنّ ذلك حسم لمادّة التوقّف من رأس ، إذ ترك الصلاة وفعل الإزالة على ما فرضه ، كلّ واحد منهما مستند إلى الداعي ، فلا يعقل توقّف أحدهما على الآخر ، إذ التوقّف يحتاج إلى تقدّم مع أنّ المفروض أنّ أحدهما في عرض الآخر.
ثمّ أورد على نفسه : بأنّه يمكن تقرير الدور بين السبب الداعي إلى الإزالة مع نفس الصلاة لمكان المضادّة بينهما أيضا ، فنقول : إنّ السبب الداعي إلى الإزالة سبب في ترك الصلاة ، فلو كان ترك الصلاة أيضا مقدّمة للسبب الداعي ـ كما هو مذهب المشهور ـ لزم الدور ، فلا بدّ من القول بعدم مقدّمية ترك الصلاة للسبب الداعي إلى الإزالة ، وهو المقصود.
ثمّ أجاب عنه بمنع التضادّ بين الصلاة والسبب ، واستند فيه تارة إلى النقض بلوازم المتضادّين ، واخرى بالحلّ : بأنّ مدار التضادّ على عدم إمكان الاجتماع الذاتي ، وإنّما هو متحقّق بين الإرادتين دون إرادة الإزالة ونفس الصلاة.
ثمّ نقل الكلام إلى نفس الإرادتين وقرّر الدور فيهما ، ودفعه : بأنّ إرادة الفعل وعدمها إنّما يتفرّع على حصول الداعي ، فقد لا يوجد الداعي إلى الضدّ أصلا فيتفرّع عليه عدم إرادته من غير أن يتسبّب ذلك عن إرادة ضدّه بوجه من الوجوه ، وقد يكون الداعي إلى الضدّ موجودا ، لكن يغلبه الداعي إلى المأمور به. وحينئذ فلا يكون عدم إرادة الضدّ مستندا أيضا إلى إرادة المأمور به ليكون توقّف إرادة المأمور به على عدم إرادته موجبا للدور ، بل إنّما يستند إلى ما يتقدّمها من غلبة الداعي إلى المأمور به ومغلوبيّة الجانب الآخر الباعث على إرادة المأمور به وعدم إرادة الآخر ، فيكون وجود أحد الضدّين وانتفاء الآخر مستندا في الجملة إلى علّة واحدة من غير