المقدّمة الرابعة
في الضدّ
ومعناه لغة : المنافي والمعاند مطلقا (١) ، وفي اصطلاح أهل المعقول : أمر وجوديّ لا يجتمع مع وجوديّ آخر في محلّ واحد في زمان واحد (٢) ، فالمتناقضان يندرجان تحت الضدّ اللغوي دون الاصطلاحي ، لأنّهما ليسا أمرين وجوديّين ، بل أحدهما وجودي والآخر عدمي.
ويعتبر في التضادّ مضافا إلى ما ذكر جواز تواردهما على محلّ واحد ، فيخرج نحو السواد والعلم ، فإنّهما وإن لم يجتمعا في محلّ واحد لكن ليسا ممّا يتواردان على محلّ واحد ، لأنّ محلّ كلّ واحد منهما مغاير لمحلّ الآخر ، فإنّ محلّ العلم القلب ومحلّ السواد الجسم. وبعبارة اخرى : يشترط أن يكون المنافاة راجعة إلى المتضادّين بحيث لا يجتمعان على محلّ واحد قابل لورود كلّ واحد منهما ذاتا ، فما ليس كذلك لا يكون من التضادّ في شيء ، مثل العلم والسواد.
إذا عرفت ذلك فقد اطلق لفظ « الضدّ » هنا على امور :
منها : كلّ واحد من الامور الوجوديّة المنافية للمأمور به ، مثل الأكل ، والشرب ، والمشي بالنسبة إلى الصلاة ، وهي بالنسبة إلى الإزالة. ولا شك في إطلاق الضدّ عليها حقيقة بكلا المعنيين. نعم ، ربما (٣) يكون بعض الأفعال الوجوديّة من
__________________
(١) كما في القاموس ١ : ٣٠٩ ، والمصباح المنير : ٣٥٩ ، ومجمع البحرين ٣ : ٩٠.
(٢) كشف المراد : ١٠٧ ـ ١٠٨.
(٣) في ( ع ) و ( ط ) : إنّما.