حينئذ ممنوعة ، لأنّ مجرّد التلازم من دون أحد الوصفين لا يقتضي الاشتراك ، وإنّما يقتضيه إذا كان ذلك التلازم ناشئا عن أحد الوصفين. هذا خلاصة ما ذكره في المعالم من الجواب عن هذا الاستدلال (١).
والظاهر أنّ مراده بـ « مجرّد عدم الانفكاك » محض المقارنة من دون استحالة الانفكاك ، بل لعلّ في كلامه تصريح بذلك ، إذ لو كان المراد به استحالة الانفكاك لم يتصوّر قسم ثالث للتلازم ، لأنّ استحالة الانفكاك لا بدّ لها من سبب ، وليس ذلك إلاّ العلّية أو الاشتراك فيها.
ولا ينافي ما ذكرنا من كون المراد بالتلازم المقارنة الاتّفاقية ، اعترافه بكون ترك الضدّ مقدّمة لفعل المأمور به في الجواب من الدليل الأوّل ، حيث أجاب عنه بمنع وجوب المقدّمة ، لا بمنع المقدّميّة ؛ لأنّ القول بمجرّد مقدّمية الترك للفعل لا يقتضي الاستحالة مع إنكار مقدّمية الفعل للترك ، لأنّه إذا لم يكن الفعل مقدّمة للترك وعلّة له ـ كما يقول به المشهور ـ جاز مفارقة الترك حينئذ من الفعل عقلا ، نظرا إلى عدم كونه معلولا للفعل حتّى يمنع انفكاكه عنه.
وكيف كان ، فتحقيق أصل المسألة موقوف على معرفة حكم المتلازمين في الوجود الخارجي من حيث جواز اختلافهما في الحكم وعدمه.
فنقول : أمّا المتقارنان من حيث الاتّفاق ، فمن ضروريّات حكم العقل جواز الاختلاف فيهما ، لإمكان انفكاك كلّ منهما عن الآخر كما هو المفروض ، وما لا يجوز فيه الانفكاك لأمر عرضيّ فهو مندرج في أحد القسمين المزبورين.
وأمّا العلّة والمعلول ، فقد عرفت في البحث عن المقدّمات أنّ حرمة المعلول يقتضي حرمة العلّة عقلا ، وقد تقدّم هناك تفصيل الكلام في ذلك ، وقلنا : إنّ قبح علّة
__________________
(١) المعالم : ٦٧ ـ ٦٨.