الحرام من أوّليّات حكم العقل ولو كان غيريّا غير موجب للعقاب غير العقاب المترتّب على فعل المعلول. ويدلّ على ذلك تعليل تحريم بعض المحرّمات في الشريعة بقبح المعلول ، كما يستفاد من الآية الشريفة ( إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ )(١) الآية : أنّ حرمة الخمر والميسر لأجل كونهما سببين لقبائح اخرى من البغضاء والعداوة ونحوهما. ولا يرد أنّ الآية ونحوها إنّما تدلّ على الحرمة النفسيّة وأين هذه من الحرمة الغيريّة التي أنت بصدد إثباتها؟ لأنّ غرضنا الاستظهار من الشرع على صدق حكم العقل بقبح علّة القبيح في الجملة ولو كان حكم الشرع أزيد من حكم العقل من حيث التقبيح.
وأمّا حرمة العلّة ، فالظاهر أنّها بمجرّدها لا يقتضي حرمة المعلول في شيء ؛ لأنّ المنقصة المقتضية للنهي لعلّها تكون مختصّة بالعلّة ، فلا شيء من مقتضى (٢) حرمة المعلول ، لا المنقصة الذاتية ولا الجهة المقدّميّة. نعم ، إنّما (٣) يكشف حرمة العلّة عن حرمة المعلول ، فينتقل من قبح شرب الخمر مثلا إلى قبح معلوله الذي هو السكر ، ولكنّه خارج عن فعل المكلّف الذي هو متعلّق الخطابات. ومن هنا قلّت الجدوى في البحث عن اقتضاء حرمة العلّة أو كشفها عن حرمة المعلول ؛ لأنّ فرض كون العلّة المحرّمة ومعلولها من أفعال المكلّفين معا في المحرّمات عزيز أو عديم. نعم ، قبح المعلول بمعنى المنقصة التي تعرض لغير الأفعال أيضا لا بأس باستفادته من تقبيح الشارع العلّة. ولعلّ جميع المحرّمات كاشفة عن هذا القبح على مذهب العدليّة. وقريب من هذا الاستكشاف إناطة الحكم بالوصف في العلل المنصوصة غالبا ، فتدبّر جيّدا.
__________________
(١) سورة المائدة : ٩١.
(٢) في ( ع ) كتب فوق كلمة « من » : ح. والصواب في العبارة : فلا شيء حينئذ يقتضي ...
(٣) في ( ع ) زيادة : « ربما » استظهارا. وهو الصواب.