عن السكون (١). ولعلّ الذي أوقعه في هذا الخيال كونهما ضدّين لا ثالث لهما ، ولعمرك! إنّ الأمر كذلك في سائر المقامات إذا أخذنا الضدّ أحد الامور الوجوديّة ؛ لأنّه لا ثالث له ولفعل المأمور به ، كما لا يخفى. نعم ، لا خفاء في كون ترك الحرام مقارنا للأضداد الوجوديّة في الخارج بحيث يتوهّم مثل الشهيد أنّ الأمر بالأوّل عين الأمر الثاني. هذا تمام الكلام في الأقوال المعروفة.
بقي الكلام في قولين آخرين :
أحدهما لبعض المحقّقين من متأخّري المتأخّرين ، والثاني لشيخنا البهائي وقد تقدّم لذلك ذكر (٢).
أما القول الأوّل : فهو التفصيل بين ما إذا كان الضدّ من أسباب امتناع المأمور به في حقّ المكلّف كالمسافرة في البحر بالنسبة إلى إيصال الدين الواجب المضيّق ونحوه ، وبين ما إذا لم يكن كذلك كقراءة القرآن بالنسبة إلى أداء الشهادة. فإنّ الضدّ في الأوّل ـ وهو السفر ـ فعله يوجب امتناع المأمور به أعني أداء الدين في حقّ المكلّف أبدا إذا كان من المعجّلات (٣). بخلافه في الثاني ؛ فإنّ قراءة القرآن وإن كان ضدّا لأداء الشهادة ، إلاّ أنّه في كلّ آن من الآنات يقتدر على قطع القراءة وأداء الشهادة. ومثله ما إذا ترك أداء الحقّ المضيّق وتشاغل بالصلاة ، فإنّه يتمكّن في كلّ حال من أحوالها أن يتركها ويتشاغل بالواجب لسبق الحقّ المضيّق على الدخول فيها ، فيجوز الإبطال ، كالإبطال لغيره من الامور المقرّرة. وهذا المثال منقول عن صاحب هذا التفصيل ، ولعلّ مثالنا أحسن ؛ لما فيه من المناقشة والتأمّل.
__________________
(١) انظر تمهيد القواعد : ١٣٥ ، القاعدة ٤٠.
(٢) راجع الصفحة : ٤٩٩.
(٣) في ( ط ) : المؤجّلات ، وفي ( م ) : الموصلات. والصواب : إذا كان معجّلا.