اقتضاء الأمر بالشيء عدم هذا الأمر الشأني للضدّ. ولكنّ الانصاف أنّ من يقول بهذا فلا ينبغي له إنكار اقتضاء الأمر النهي الشأني عن الضدّ ، كما أثبتنا ذلك واخترناه في المسألة وقلنا : بأنّ هذا النهي الشأني قائم مقام النهي الفعلي في الآثار. والله العالم.
تذنيب
هل النهي عن الشيء يقتضي الأمر بضدّه العامّ أو الخاصّ ، على القول باقتضاء الأمر به النهي عنهما أو عن أحدهما أم لا؟ ذهب الكعبي إلى أنّ النهي عن الشيء أمر بضدّه الخاصّ (١) لوجوه قد عرفت جوابها بما لا مزيد عليها ، وخالفه أكثر العامّة (٢) وجميع الخاصّة (٣) إلاّ في مواضع مستثناة متقدّمة إليها الإشارة.
وأمّا اقتضاؤه الأمر بضدّه العامّ ، مثل اقتضاء قوله : « لا تزن » الأمر بترك الزنا ، فالظاهر أنّه مثل اقتضاء الأمر النهي عن الضدّ العام ، فالكلام الذي سبق (٤) هناك جار هاهنا أيضا. وقد عرفت أنّ القول بكلّ واحد منهما عين الآخر على بعض التقادير ـ وهو أن يكون المراد اتّحاد مصداق المطلوبين دون الطلبين ـ لا يخلو عن استقامة. كما أنّ القول بالعينيّة على التفسير المراد به اتّحاد نفس الطلبين لا يخلو عن استقامة ، فارجع إلى ما تقدّم حتّى يتضح لك الحال في أطراف المسألة هنا.
__________________
(١) انظر شرح مختصر الاصول : ٢٠٢ ـ ٢٠٣ ، ونهاية الوصول : ٩٨ ، وهداية المسترشدين ٢ : ٢٨٣.
(٢) انظر شرح مختصر الاصول : ٢٠٢ ـ ٢٠٣.
(٣) انظر القوانين ١ : ١١٦.
(٤) في ( ع ) و ( م ) : سيق.