وتارة بالحلّ : ويقع الكلام تارة في النواهي التي نسبتها إلى الأوامر عموم من وجه ، وتارة في النواهي التي نسبتها إليها عموم مطلق ، فإنّ موارد النقض من كلتا الطائفتين.
أمّا الاولى فكاستعمال الماء المشتبه في الطهارة ، والصلاة في بيوت الظالمين. وأمّا الثانية ، فكالصلاة في الحمّام ونحوها. وخروجها عن محلّ الكلام في المسألة نظرا إلى انعقادها في العامّين من وجه ـ كما قيل ـ ليس بضائر ، لاستلزام الجواز فيه الجواز فيما نحن فيه بطريق أولى.
أمّا الكلام فيما إذا كانت النسبة عموما وخصوصا مطلقا فمن وجوه :
الأوّل : ما ذكره جماعة (١) ، من أنّ الكراهة في هذه العبادات كاستحبابها وإباحتها ليست على حقائقها المصطلح عليها : من مرجوحيّة الفعل ورجحان الترك ، ورجحان الفعل ومرجوحيّة الترك ، وتساويهما ، حتّى يلزم من اتّصاف الواجب بهذه الأوصاف اجتماع الضدّين ، بل المراد بها كون الواجب أقلّ ثوابا من الثواب المقرّر لطبيعة ذلك الواجب أو أكثر ثوابا منها أو مشتملا على ذلك الثواب فقط.
وأوضحه بعض المحقّقين في حاشية المعالم ، حيث قال : إنّ أقصى ما يقتضيه ذلك مرجوحيّة تلك التصرّفات بالنظر إلى ذواتها ، وهو لا ينافي رجحانها من جهة اخرى نظرا إلى وقوعها جزءا من العبادة الواجبة ، وحينئذ يقع التعارض بين الجهتين ، ومن البيّن أنّ مرجوحيّة المكروه لا يوازي رجحان الواجب ، فغاية الأمر أن يحصل هناك نقص في ثواب الواجب ويكون الفعل بعد ملاحظة الجهتين راجحا
__________________
(١) منهم الفاضل التوني في الوافية : ٩٥ ، والمحقّق القمّي في القوانين ١ : ١٤٢ ، والنراقي في المناهج : ٥٧ ـ ٥٨.