النقيض ، واخرى : بالتزام كونها مستعملة في الطلب التنزيهي على وجه الغيريّة والمقدّميّة للوصلة إلى الفرد الأفضل.
وفيه ، أوّلا : أنّ القول بتجرّد الإرشاديّات عن الطلب مخالف لما هو الواقع ، كما مرّ في بعض المباحث المتقدّمة.
وثانيا : أنّ الإرشاد إلى ترك الناقص غير معقول إن لم يكن للوصلة إلى الكامل ، وإلاّ فيكون من الأمر المقدّمي ، ولعلّه تفطّن بذلك حيث حكم برجوع أحدهما إلى الآخر.
وثالثا : أنّ الكراهة المقدّميّة أيضا ينافي الوجوب ، إذ كما أنّ التضادّ واقع بين الوجوب وما يخالفه من الأحكام النفسيّة ، فكذا بينه وبين الأحكام الغيريّة ، فالمصير إليه ممّا لا يجدي.
وأجاب عن ذلك : بابتنائه على ما زعمه من اختصاص وجوب المقدّمة بما إذا كانت موصلة إلى ذيها (١).
وتوضيحه هو : أنّ الصلاة في الحمّام تارة يترك ويتوصّل بتركها إلى الصلاة في غير الحمّام من المواضع الغير المكروهة ، وتارة لا يتوصّل بها إلى الفرد الكامل ، إمّا بإيجادها في الحمّام وإمّا بعدم إيجادها مع ترك الكامل أيضا ، ففيما إذا كان الترك المذكور مطلوبا من حيث كونه مقدّمة للوصلة إلى الفرد الكامل يتّصف بمطلوبيّة الترك وليس فعله مطلوبا ، لأنّ المطلوب في الواجب المخيّر هو الفرد الذي اختاره المكلّف في مقام الامتثال ، وبعد اختياره فردا لا يكون الباقي مطلوبا. وفيما إذا كان فعله مطلوبا باختيار ذلك الفرد في مقام الامتثال بالواجب المخيّر لا يكون تركه مطلوبا ، لعدم تحقّق شرط المطلوبيّة وهو الوصلة إلى الغير ، لعدم ترتّبه عليه كما هو المفروض.
__________________
(١) انظر الفصول : ١٣٢.