وفيه ـ بعد الغضّ عن فساد المبنى كما أوضحنا سبيله في بعض مباحث المقدّمة ـ : أنّ بعد ما فرض من اختصاص مطلوبيّة الترك بفرد خاصّ من الصلاة في الحمّام وهو الترك المتوصّل به إلى الفرد الكامل ،
يلزم أن لا يكون مطلق الترك مطلوبا ، فلا دليل على وجود المنقصة في فعله.
لا يقال : إنّ مطلوبيّة ترك خاصّ يوجب مرجوحيّة الفعل.
لأنّا نقول : قد تقدّم منه أنّ المرجوح هو ترك هذا الترك الخاصّ ، وهو أعمّ من الفعل ، وهو لا يرى سراية تلك المرجوحيّة إلى الأفراد ، كما تقدّم في المباحث السابقة. مضافا إلى أنّ القول بعدم مطلوبيّة أفراد الواجب المخيّر بعد الإتيان بفرد غيرها في مقام الامتثال لا يخلو عن حزازة ؛ حيث إنّ جميع الأفراد في نظر المولى والآمر متساوية النسبة ، والاختيار إنّما هو في مقام سقوط الطلب المتعلّق بالماهيّة مجرّدا ، أمّا (١) بالنظر إلى طلب الآمر فلا يعقل مدخليّة للاختيار ، والمحذور إنّما هو الثاني دون الأوّل ، فتامّل.
ورابعا : أنّ المناط في الإرشاد المذكور الذي مرجعه إلى الكراهة الغيريّة موجود في جميع أفراد الواجب المخيّر مع اختلافها في الثواب ، فيلزم النهي عن الصلاة في البيت للإيصال إلى الفرد الكامل منها وهو الصلاة في المسجد ، والنهي عنها للصلاة التي تقع في المسجد الحرام. ولا سبيل إلى دفعه : بأنّ مجرّد وجود المناط لا يكفي في الحكم بالكراهة ما لم يرد فيه النهي ؛ لما قد تقدّم في مباحث المقدّمة من أنّ الطلب الغيري يتبع ما هو المناط في المقدّمية ، ولا يتفاوت فيه وجود الأمر الأصلي ، كما إذا صرّح بوجوب بعض المقدّمات كقولك : « ادخل السوق » عند إرادة اشتراء اللحم ، وعدمه كما في سائر المقدّمات.
__________________
(١) في ( ع ) و ( م ) : وأمّا.