ومدافعة تقع بينهما من حصول الفعل والانفعال فيهما ، فهو راجع إلى ما أفاده المجيب المتقدّم. فيرد عليه ما أوردنا عليه سابقا ، مضافا إلى أنّه لم يعقل معنى محصّل لتأثير جهة الكراهة في المأمور به وإيراثها فيه نقصا ، غاية الأمر وجود العنوانين ، ويلحق بهما أحكامهما من غير إحباط وتكفير فيهما ، فاللازم وجود المنقصة بتمامها ووجود المصلحة كذلك.
وإن اريد منه أنّ الخصوصيّة من غير أن تكون آئلة وراجعة إلى فعل من الأفعال توجب نقصا في الثواب المقرّر للطبيعة ، فإن اريد منه ما قد يوجد في كلمات غير واحد منهم أنّ فعل الصلاة مثلا يترتّب عليها ثواب وإيقاعها في مكان خاصّ له ثواب آخر (١).
ففيه : أنّ الإيقاع إنّما هو عنوان ينتزع من الفعل ، وليس وراء نفس الفعل شيئا آخر كما في مثل الشروع في الفعل ، فإنّه ليس أمرا آخر غير الفعل ، ولا يعقل اختلافهما في الثواب بعد عدم لحوق عنوان آخر للفعل كما هو المفروض.
وإن اريد منه أنّ نفس الإيقاع والفعل في مكان له ثواب دون نفس الفعل ، فمرجعه إلى التزام أنّ الفعل من دون تقييده بوقوعه في مكان خاصّ لا ثواب له ، وإنّما الثواب بإزاء الإيقاعات الخاصّة والأفراد المختلفة باختلاف المشخّصات التي بها يتحقّق أفراد ماهيّة الفعل ، وإذن يعود المحذور من عدم الانضباط وصحّة الكراهة في الفرد الناقص ثوابا من الفرد الآخر ، فيصحّ القول بكراهة الصلاة في البيت بالنسبة إلى المسجد ، وفي مسجد المحلّة بالنسبة إلى المسجد الجامع ، وفيه بالنسبة إلى المسجد الكبير في الكوفة ... إلى غير ذلك. وستعرف لهذه الكلمات توجيها وجيها إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) منهم الملاّ صالح في حاشية المعالم : ١٢٠ ، والمحقّق النراقي كما تقدّم ، وراجع مناهج الأحكام : ٥٨.