هو في الوجوب التخييري العقلي مع عدم انحصار الفرد الواجب في المحرّم ، ومثله المستحبّ والمكروه أيضا.
وبالجملة ، فلا بدّ أن يكون للمكلّف مندوحة في الامتثال ، على ما هو المصرّح به في كلامهم في تحرير محلّ النزاع.
وقد أجيب عنه بوجوه :
الأوّل : ما أفاده الشهيد السعيد في المسالك ، من أنّ المراد من كراهة الصوم في السفر أنّه أقل ثوابا من الصوم في الحضر (١).
وظاهره ـ على ما حكي ـ عدم النهي ولو على وجه الإرشاد ، بل يمكن القول بعدم تعقّل الإرشاد فيه ، حيث إنّه لا إرشاد إلى النهي عن الصوم في السفر والأخذ به في الحضر ، لاحتمال عدم الاقتدار عليه ، فهي منفعة عاجلة لا تترك لاحتمال ما هو أنفع منها في الآجل.
ودعوى اختصاص النهي بحالة الاقتدار عليه مدفوعة ؛ لمخالفتها للنصّ والفتوى معا ، حيث إنّ ظاهرهما النهي على وجه الإطلاق ولو مع العجز عن تحصيله في الحضر ، ولذا التزم في محكيّ الروض باستعمال النهي في مجرّد قلّة الثواب (٢) ، فإنّه حكم بكراهة الوضوء بالماء المسخّن بالشمس عند الانحصار قائلا : بأنّ علّة الكراهة موجودة في حال الانحصار ، فإنّ ذلك ينافي الإرشاد جدّا ، كما هو ظاهر.
وكيف كان ، فيرد عليه : أنّ ظاهر النصوص خلاف ذلك ، سيّما ما اشتمل منها على لفظ « الكراهة » كقول أبي جعفر عليهالسلام : « أكره أن أصومه ـ يعني به عليهالسلام
__________________
(١) المسالك ٢ : ٤٧.
(٢) انظر روض الجنان ١ : ٤٢٩ ـ ٤٣٠.