التحصيل ، فإنّ الإيقاع ليس أمرا مغايرا لوجود تلك الماهيّة وإيجادها في الخارج ، غاية الأمر أنّه وأمثاله منتزع من الماهيّة باعتبارات عقليّة صرفة لا يناط بها حكم.
وأوضح فسادا من ذلك ما زعمه بعض الأجلّة في توجيه مرام المحقّق المذكور. وحاصله : أنّ العبادة المكروهة لها اعتباران وجهتان : من حيث الأجزاء ومن حيث الجملة ، فمن الاولى تشمل على جهتي الرجحان والمرجوحيّة وإن كان الرجحان مغلوبا ، ومن الثانية لا تكون إلاّ مرجوحة ، ويكفي في اتّصاف الشيء بالعبادة وجود جهة الرجحان وإن كانت مغلوبة (١). ووجوه فساده غير خفي على أحد (٢).
وثانيا : أنّه لم يعقل معنى لكون الفعل عبادة وعدم حصول التقرّب به على تقدير الإتيان بها على وجهها.
وثالثا : أنّ المراد بالقربة ـ على ما حقّقناه في مباحث المقدّمة (٣) ـ ليس إلاّ الإتيان بالمأمور به بداعي الأمر والامتثال. فإن أراد من موافقة الأمر ذلك فهو سديد ، لكنّه غير مفيد له ، فإن الإشكال في وجود الأمر في المقام مع وجود المرجوحيّة المناقضة لما هو لازم الأمر. وإن أراد إيجاد عمل مشارك للعبادة في الصورة كما ربما يومئ إليه قوله : « ولعلّ ... » فهو أظهر فسادا من أن يحتاج إلى بيان.
وأمّا رابعا : فما أفاده أخيرا ، فإن أراد أنّ الدخول في زيّ المتعبّدين إنّما هو بواسطة نفس العمل ، فالكلام إنّما هو في صحّته. وإن أراد أنّه بواسطة الانقياد والبناء
__________________
(١) الفصول : ١٣٠.
(٢) لم ترد « على أحد » في ( م ).
(٣) راجع الصفحة ٣٠٠.