غير العلم ـ فما ذكرنا لازم أيضا ، كما لا يخفى على المتأمّل. كما أنّه لازم على القول بتغاير الإرادة والطلب أيضا ، فإنّ ما ذكرنا (١) لا يختلف باختلاف المذاهب في ذلك ، كما هو ظاهر.
نعم ، هنا شيء ينبغي أن يعلم ، وهو أنّ الظاهر أنّ اختلاف الطلب الوجوبي مع الاستحبابي عند عدم رجوع الطلب إلى الإرادة وعدم رجوعها إلى العلم يكون من قبيل اختلاف العلم والظنّ ، حيث إنّ اختلافهما ليس بواسطة المعلوم والمظنون ، بل باختلاف نفس العلم والظنّ كما هو ظاهر ، فتدبّر.
هذا مع قطع النظر عن الخصوصيّة المائزة للاستحباب عن الوجوب ، وأمّا بملاحظتها فيلزم من اجتماع الطلب الوجوبي مع الندبي في فعل واحد على وجه التعيين ـ سواء قيل بتعلّق الأحكام للطبائع أو الأفراد ـ اجتماع الضدّين ، ضرورة أنّ الأحكام الخمسة بأسرها متضادّة ، وإلاّ لم يفترق أحدها عن الآخر ، كما هو المقرّر في محلّه من أنّ الفصول اللاحقة للجنس لا بدّ وأن تكون متضادّة حتّى يحصل بلحوق بعضها إليه نوع محصّل ممتاز عن سائر الأنواع ، وهو ظاهر. وبعد ما عرفت من اتّحاد منشأ انتزاع الطلبين فيما يسقط منه الطلب فالملازمة ظاهرة لا حاجة إلى بيانها.
فإن قلت : فما توجيه موارد اجتماع الوجوب العيني والاستحباب العيني ، مثل الوضوء الواجب لغاية واجبة والمندوب لغاية مندوبة ، أو مع قطع النظر عن الغاية أيضا لاستحبابه في نفسه؟ إذ لا فرق فيما ذكر بين أن يكون الوجوب والندب نفسيّين أو غيريّين أو مختلفين ، لاتّحاد المناط في الكلّ.
__________________
(١) في ( م ) : ما ذكره.