وفيه : أنّ مطلق الأعمال المستحبّة يمكن أن يقال بأنّها من مظاهر التعبّد لله الذي هو فوق الولاية في الوجوب. وبالجملة فهذه الكلمات لا تدفع الخصم.
ثمّ إنّه قد يظهر من بعضهم : أنّ إجزاء غسل واحد عن الجنابة الواجبة والجمعة المندوبة إنّما هو بواسطة اجتماع الواجب والمندوب في فرد واحد ، فيكون من موارد اجتماع حكمين متضادّين ، حتّى أنّ بعضهم قد جعله دليلا برأسه على الجواز ، كما حكاه الفاضل النراقي (١).
أقول : ومثله ما عن البعض من مطلق تداخل الأسباب في بعض الموارد ، كما في منزوحات البئر (٢) وأسباب السجدة (٣) ونحوها.
ولا بأس بتحقيق ذلك في مقامين :
أمّا المقام الأوّل : ففي توضيح الحال في تداخل الأسباب على وجه يظهر أنّه ليس من موارد اجتماع الأحكام المتضادّة أو المتماثلة في شيء.
فنقول : إذا دلّ الدليل الشرعي على وجوب شيء عند حدوث شيء آخر ، كما إذا قيل : « إذا نمت فتوضأ » و « إذا التقى الختانان وجب الغسل » فإذا لم يعلم بوجود سبب آخر لترتّب الجزاء المذكور فيحكم بحسب الظاهر بأنّ النوم علّة تامّة لوجوب الوضوء ، والالتقاء للغسل ، سواء كان جميع ما عداه موجودا أو معدوما ، وهذا هو معنى حجّية مفهوم الشرط.
وذلك الجزاء تارة يكون قابلا للتكرار والتعدّد كما في قولك : « إذا رأيت زيدا فأعطه درهما » فإنّ إعطاء الدرهم له ممّا يمكن أن يتكرّر وجوداته في الخارج ،
__________________
(١) مناهج الأحكام : ٥٨.
(٢) مثل العلاّمة في القواعد ، انظر مفتاح الكرامة ١ : ١٢٢.
(٣) مثل الحلّي في السرائر ١ : ٢٥٨ ، فيما إذا كانت أسباب سجدتي السهو من جنس واحد.