ظاهر الإجزاء هو ثبوت المقتضي لكلّ واحد ، وما دلّ على أنّها حقوق لله (١) ، وما دلّ على أنّ المكلّف يجعل الحيض والجنابة غسلا واحدا (٢) إلى غير ذلك من أمارات الاختلاف.
فعلى الأوّل ، لا ينبغي الإشكال في تداخل الأغسال ، فإنّه كالوضوء الذي يسقط به الفرض ويجزئ عن النفل. ولا محذور فيه ، إذ المحذور إنّما هو فيما إذا كان هناك ماهيّات مجتمعة في فرد واحد لكلّ واحد منها حكم غير حكم الآخر شخصا ليلزم اجتماع الأمثال ، أو نوعا ليلزم اجتماع الأضداد. وبعد اتّحادها ـ كما هو المفروض ـ فلا بدّ إمّا من القول بلزوم إيجاد الغسل مكرّرا على حسب تكرار السبب ، كما في المنزوحات وسجدتي السهو مثلا ونحوهما ؛ لعدم تعقّل تداخل الأفراد المندرجة تحت ماهيّة واحدة. أو القول بتداخل الأسباب بمعنى تقييد الأوامر المطلقة بما إذا لم يكن مسبوقا بسبب آخر كما في الوضوء. وعلى التقديرين لا إشكال ؛ لعدم الاجتماع على الأوّل وعدم التعدّد على الثاني ، وهو ظاهر ممّا مرّ أيضا.
وعلى الثاني ، فبملاحظة أدلّة الإجزاء يحكم بتصادق الماهيّات المختلفة ـ كما هو المفروض ـ في فرد جامع لها ، ويتحقّق به الامتثال عنها على تقدير القصد إلى الجميع تفصيلا كما إذا قصد كلّ واحد منها بغاياتها وأسبابها ، أو إجمالا كما إذا قصد الحدث الحاصل منها على وجه الإطلاق ، أو قصد الغسل الذي يندرج فيه غيره كالجنابة على المشهور ، فإنّ الحدث الذي يرتفع بغسل الجنابة فوق جميع الأحداث على ما قيل (٣) ، ولا محذور فيه ، إذ غاية ما في الباب : صدق الامتثال بعد القصد إلى
__________________
(١) انظر الوسائل ١ : ٥٢٦ ، الباب ٣٢ من أبواب الجنابة ، الحديث الأوّل.
(٢) انظر الوسائل ٢ : ٥٦٦ ، الباب ٢٣ من أبواب الحيض.
(٣) انظر جامع المقاصد ١ : ١٣٠.