تلك العناوين ووجودها في ذلك الفرد ، فيكون من قبيل اجتماع إطاعة الوالد والوالدة في فعل واحد ، ومن قبيل اجتماع إكرام العالم وإضافة الهاشمي في فرد ، وغاية ما يلزم من ذلك هو اجتماع الجهات وتأكّد الطلب من دون غائلة ، كما عرفت نظيره فيما تقدّم مرارا ، من غير فرق في ذلك بين الواجب والمندوب ، كأن يكونا واجبين أو مندوبين أو مختلفين ، فإنّ طريق الحلّ في الكلّ واحد.
وحاصله : تأكّد الطلب باجتماع جهتي الوجوبين أو الندبين أو الوجوب والندب. ولعلّه إلى ذلك يشير ما أفاده الشهيد السعيد في الذكرى : بأنّ نيّة الوجوب تستلزم نيّة الندب ؛ لاشتراكهما في الترجيح. ولا يضرّ اعتقاد منع الترك ، لأنّه مؤكّد للغاية. ومثله الصلاة على جنازتي بالغ وصبيّ (١).
وقد يجاب عن الإشكال المذكور في الواجب والندب :
أوّلا : بأنّ الدليل لمّا دلّ على الاجتزاء بغسل واحد عن الغسلين يلزم أن يقال : إحدى الوظيفتين تتأدّى بالاخرى ، بمعنى أنّه يحصل له ثوابها وإن لم يكن من أفرادها حقيقة ، كما تتأدّى صلاة التحيّة بالفريضة والصوم المستحبّ بالقضاء.
وثانيا : بأنّ ما دلّ على استحباب غسل الجمعة يختصّ بصورة لا يحصل سبب الوجوب ، والمراد من كونه مستحبّا أنّه مستحبّ من حيث نفسه مع قطع النظر عن طريان العارض المقتضي للوجوب (٢) ، انتهى.
أقول : وفي كلا الوجهين نظر.
أمّا الأوّل : فلأنّ تأدّي إحدى الوظيفتين بالاخرى غير معقول ، إلاّ أن تكون المصلحة الداعية إلى طلبها موجودة في الاخرى ، وذلك يوجب إيجاب المندوب أيضا ، فإنّه أحد أفراد الواجب المخيّر لاستوائهما في المصلحة.
__________________
(١) الذكرى ١ : ٢٠٥.
(٢) انظر المدارك ١ : ١٩٦.