وأمّا سقوط التحيّة بالفريضة كالمندوب من الصوم بالقضاء ، فعلى القول به لا بدّ من أن يحمل على مجرّد الفضل. أو المراد به اشتمال الفريضة والقضاء على ما هو أزيد ثوابا من التحيّة والصوم المندوب ، فيكون المراد هو وصول المنفعة الحاصلة منهما إليه لا سقوطهما بغيرهما. أو المراد به هو أنّ العبد بعد ورود الأمر بالقضاء لا يتمكّن من الصوم المندوب في اليوم الذي يقع فيه الصوم قضاء ، مع أنّه في مقام الانقياد ويطلب ذلك الصوم المندوب أيضا ، فيستحقّ لذلك ثواب الصوم المندوب.
والتزام أمثال ذلك في الغسل الواجب والمندوب بعيد جدّا ، حيث إنّ ظاهرهم الإطباق على حصول المأمور به إمّا بتداخل الأسباب كما في أسباب الوضوء ، أو بتداخل المسبّبات مثل اجتماع مفاهيم متعدّدة في فرد واحد ، وليس من السقوط في شيء.
ثمّ إنّه لو فرض كونه من السقوط فهو إنّما يتمّ في سقوط النفل بالفرض مثل سقوط الجمعة بالجنابة ، ولا يعقل سقوط الفرض بالنفل ، وقضيّة ما ذكره هو سقوط كلّ من الوظيفتين بالاخرى (١).
وأمّا الثاني : فإن أراد منه اختصاص دليل الاستحباب بصورة عدم وجوب الغسل على المكلّف فهو بعيد جدّا ، بل ومقطوع الفساد ؛ للإجماع على خلافه ، مضافا إلى الإطلاق وعدم ما يقضي بالتقيّد. وإن أراد منه وجوب غسل الجمعة لعارض ـ كالنذر وشبهه ـ فهو فاسد قطعا ، لأنّ الإشكال في صورة الاستحباب. وإن أراد وجوبه من حيث اتّحاده في المصداق مع الواجب فهو واجب لاتّحاده مع الواجب فهو ممّا لا يجدي قطعا ، إذ الإشكال إنّما هو في اجتماع المندوب والواجب ، ولم نجد من عروض الوجوب بالمعنى المذكور فائدة.
__________________
(١) لم ترد عبارة « ثم إنّه لو فرض ـ إلى ـ بالاخرى » في ( ع ).