وأجاب عن الإشكال بعض أعاظم مشايخنا ـ دام ظلّه ـ : بأنّ هذا الفرد يعني ما يجزي عن الغسلين ليس مصداقا للكلّيين حتّى يلزم الإشكال ، بل هو أمر خارج عنهما ، فهو من قبيل فرد لكلّي آخر اجتزى الشارع به عن الواجب والمندوب ، لكن لمّا شابههما في الصورة يسمّى بالتداخل ، وإلاّ فهو ليس بغسل جنابة وغسل جمعة ليرد ذلك.
ثمّ قال : فإن قلت : هذا الغسل واجب أو مستحبّ أو كلاهما؟ قلت : هو حيث يقوم مقام الأغسال الواجبة فهو أحد فردي الواجب المخيّر بمعنى أنّ المكلّف مخيّر بين أن يأتي بالفعلين أو بالفعل الواحد المجزي عنهما ، وحيث يقوم مقام الواجب والمندوب فهو مندوب محضا ، لأنّه يجوز تركه لا إلى بدل فلا يكون واجبا ، فينوي بناء على اشتراط نيّة الوجه ، الندب فيه مع نيّة الاجتزاء عن الواجب والمندوب ، وعلى عدم الاشتراط ينوي القربة مع نيّة الاجتزاء به عن الجميع (١) ، انتهى.
وفيه ـ بعد الغضّ عن ظواهر كلماتهم القاضية باجتماع المفهومين في فرد واحد كما هو مقتضى القول بتداخل المسبّبات ، وعلى القول بتداخل الأسباب فالأمر أظهر ـ : أنّ ذلك يوجب اجتماع الواجب والمندوب فيما نصّ الشارع على وجوبه ، وهو محال قطعا حتّى على القول بجواز اجتماع الأحكام المتضادّة ، فإنّ أصحاب هذه المقالة الفاسدة يخصّون الجواز بما إذا اجتمع بعض أفراد الواجب المخيّر عقلا مع الاستحباب ، وأمّا فيما نصّ الشارع على وجوبه عينا أو تخييرا شرعيّا فلا قائل بالجواز.
بيان اللزوم : أنّ قيام فرد من ماهيّة مغايرة لماهيّة اخرى مقام أفراد هذه الماهيّة لا يعقل إلاّ وأن يكون مصلحة ذلك الواجب متحقّقة في ضمن ذلك الفرد ،
__________________
(١) الجواهر ٢ : ١٢٩ ـ ١٣٠.