وحيث إنّ إجزاء ذلك الفرد المذكور لا بدّ وأن يكون بواسطة تعلّق أمر الشارع بذلك الفرد ، فلا محالة يكون ذلك الفرد أحد أفراد الواجب المخيّر بالنسبة إلى الأمر الوجوبي المتعلّق بماهيّة غسل الجنابة لتحقّق مصلحته به أيضا. وكذا بالنسبة إلى الأمر الندبي المتعلّق بماهيّة غسل الجمعة ، فيكون ذلك الفرد موردا للطلب الندبي والوجوبي معا على وجه التخيير الشرعي.
وأمّا ما أورده في الجواب عن الترديدات فلا يجدي شيئا ، كما يظهر للمتأمّل.
فتلخّص من جميع ما ذكرنا : أنّ شيئا من هذه الموارد ليس من مورد اجتماع حكمين فعليّين سواء كانا مثلين أو ضدّين.
وتلخّص أيضا : أنّ موارد اجتماع الأسباب والمسبّبات لا يخلو من صور أربع :
الاولى : تعدّدهما مع المباينة الكلّية بين الأسباب والمسبّبات ، كما إذا قيل : « إذا ظاهرت فأعتق رقبة » و « إذا تكلّمت فاسجد سجدتي السهو » مثلا ، وحكمها ظاهر.
الثانية : تعدّدهما مع تصادق المسبّبين فقط ، أو مع تصادق السببين أيضا ، أو تصادق السببين فقط. فعلى الأوّلين ينوط (١) الكلام بدعوى صدق امتثال التكليفين بالإتيان بالفرد الجامع ، ولعلّه كذلك. وعلى الثاني فالظاهر عدم التداخل ولزوم الإتيان بالطبيعتين عند تصادق السببين لعدم المانع بعد وجود المقتضي ، ويظهر ممّا مرّ.
الثالثة : أن يعلم اتّحاد حقيقة المسبّبات مع إمكان تكرّر وجوداتها في الخارج سواء كان الأسباب متّحدة الحقائق أو مختلفة ، لرجوع الثاني إلى الأوّل كما عرفت.
__________________
(١) كذا ، والأنسب : « يناط ».