الفقهاء (١). والوجه في النسبة المذكورة هو قولهم (٢) بوجوب الحجّ على المستطيع وإن فاتت استطاعته الشرعيّة.
وأنت خبير بعدم دلالته على المطلب ؛ حيث إنّ وجوب الحجّ بدون الاستطاعة الشرعيّة عند التأخير عن زمن الاستطاعة ليس تكليفا بما لا يطاق ، لكفاية الاستطاعة العقليّة في دفعه. ويكفي في فساد النسبة المذكورة ذهاب المشهور من أصحابنا إلى عدم جواز الاجتماع فيما فيه المندوحة ، فكيف فيما ليس فيه مندوحة!
وقيل بالعدم ، وهم بين قولين : فقيل بأنّه منهيّ عنه وليس بمأمور به (٣). وقيل بالعكس مع جريان حكم المعصية عليه ، وهو المحكيّ عن الفخر الرازي (٤) وجنح إليه بعض المتأخّرين (٥). وقيل بأنّه مأمور به فقط وليس يجري عليه حكم المعصية أيضا ، وقد نسبه بعضهم إلى قوم (٦) ، ولعلّه الظاهر من العضدي كالحاجبي (٧) حيث اقتصرا على كونه مأمورا به فقط.
ثمّ إنّ بعض الأجلّة (٨) ذهب إلى أنّه مأمور به ولكنّه معصية بالنظر إلى النهي السابق ، وعليه حمل الكلام المنقول من الفخر الرازي.
__________________
(١) القوانين ١ : ١٥٣.
(٢) انظر القواعد ١ : ٢٢٩ ، والشرائع ١ : ٢٢٨ ، والدروس ١ : ٣١٦.
(٣) راجع نهاية الوصول : ١١٧ ، والمدارك ٣ : ١١٧ ، وضوابط الاصول : ١٥١.
(٤) حكاه المحقّق القمّي في القوانين ١ : ١٥٤.
(٥) الظاهر أنّ المراد به هو صاحب الفصول.
(٦) نسبه صاحب الفصول في الفصول : ١٣٨.
(٧) انظر شرح مختصر الاصول : ٩٤.
(٨) وهو صاحب الفصول في الفصول : ١٣٨.