وبالجملة ، فما أجاب عنه إنّما هو متوجّه بناء على ما ذهب إليه من جواز الاجتماع ؛ لما عرفت من أنّ المناط في ذلك هو تعدّد العنوان ، والمفروض حصوله في المقام.
وأمّا ما قد عرفت من تقييدهم محلّ التشاجر بما إذا لم ينحصر أفراد أحد العامّين في الآخر ، فهو بواسطة تخليص البحث عن لزوم التكليف بما لا يطاق. وهذا أيضا ممّا لا ضير فيه عنده إذا كان الوجه فيه هو المكلّف ، كما عرفت.
فالإنصاف : أنّ الوجوه المذكورة ممّا لا مساس لها بكلامه ، إلاّ أنّه بعد مطالب بالفرق بين الموارد التي يحكم بالتعارض في صورة الانحصار ، كما إذا كان العموم من وجه بين عنواني الأمر والنهي بقوله : « أكرم العلماء ، ولا تكرم الفاسق » وبين الموارد التي لا يحكم فيها بالتعارض ، كما إذا اعتبر العموم من وجه بين العنوانين. كما أنّ غيره أيضا مطالب بالفرق المذكور ، كما تقدّم.
حجّة القول بكونه منهيّا عنه غير مأمور به :
كما يظهر عن بعض الأفاضل في الإشارات (١) ، أمّا على كونه منهيّا عنه : فلأنّ الخروج تصرّف في ملك الغير وهو غصب عند عدم الإذن ، وهو منهيّ عنه. وأمّا على كونه غير مأمور به : فلأنّ الواجب هو عدم التصرّف ، والخروج إنّما هو مقدّمة له ، فهي ليست بواجبة.
والجواب عنه : أنّ عدم التصرّف بعد فرض انحصار مقدّمته في الخروج المحرّم لا يعقل وجوبه لكونه تكليفا بالمحال.
واحتجّ بعض الأجلّة على ما صار إليه : من أنّ الخروج مأمور به بالنسبة إلى الأمر اللاحق مع جريان حكم النهي السابق عليه ، فيكون معصية. وقد عرفت
__________________
(١) إشارات الاصول : ١١٤.